“العقبة 2025”: قفزة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي
عمّان، 29 كانون الأول (بترا) – مازن النعيمي
يعوّل مسؤولو منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة على قفزة تنموية تنعكس بشكل جلي على الاقتصاد الوطني، اذ تبدو “المنطقة الخاصة” في سباق مع الزمن لتعزيز مساهمتها في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وهو ما يعبر عنه ارتفاع مساهمة المنطقة في الناتج المحلي الاجمالي من 12 في المائة العام 2013 الى 13،8 في المائة العام الماضي.
ففي وسط اقليمي مضطرب، ارتفعت مؤشرات اداء القطاع السياحي في المنطقة الخاصة، خلال النصف الاول من العام الحالي بنسبة 55.6% مقارنة، بالفترة ذاتها من العام الماضي، اذ بلغ عدد السياح هذا العام 332 الف سائح مقارنة بنحو 307 الاف سائح خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، لتشكل السياحة الاجنبية منها نحو 54 %.
أمّا نسبة الاشغال الفندقي فسجلت خلال النصف الاول من العام الحالي % 51.1 مقارنة ب 49% خلال الفترة ذاتها من العام الماضي كما ارتفعت معدلات عدد الليالي التي امضاها السياح في العقبة لتصل الى 3.7 ليلة مقارنة ب 3.4 ليلة خلال النصف الاول من العام 2017.
مدير العلاقات العامة في شركة واحة أيلة للتطوير الدكتور نضال المجالي، يوضح أن العام الحالي حفل بمؤشرات تؤكد الاتجاه الإيجابي للاستقطاب الاستثماري في المجالات كافة، فضلاً عن تطوير المنتج السياحي الأردني، ولعل دخول شركات طيران منخفض التكاليف للعقبة مثل (راين إير، إيزي جت)، وعودة خطوط الطيران التركي وتنظيم رحلات جوية قادمة من روسيا، خير دليل للنشاط السياحي والاستثماري في المنطقة.
يضيف المجالي، أن هذه الحركة “النشطة” انعكست إيجاباً في تطوير القطاعات المساندة للسياحة والاستثمار، ما أسهم في إطالة مدة إقامة السائح لوجود نقاط جذب مهمة، وتوفر خدمات تنافسية تلبي تطلعاته، مشيرا إلى افتتاح فندق “حياة ريجنسي أيلة” في بداية الشهر الحالي، والذي يضم نحو 286 غرفة، حيث بلغت نسبة الإشغال في أسبوعه الأول 100%، ما يؤكد أن العقبة مقصد استثماري وسياحي يمتاز ببيئة محفزة.
ويلفت الى أن “أيلة” استضافت خلال العام مجموعة من الأنشطة التي تُعنى بإبراز العقبة كمنطقة عالمية، مثل؛ استضافة بطولة العالم للتزلج على الماء، والتي تقام لأول مرة في دولة عربية، بمشاركة 36 دولة.
ويبين أن العقبة تشهد منهجية جديدة في بناء المنظومة الاستثمارية والسياحية تحت مظلة السلطة، والتي تأتي إستكمالاً للخطة الاستراتيجية المستمرة لعام 2025، والمعنية بتنشيط الوضع الاقتصادي في المنطقة الخاصة لتكون بوابة للاستثمار، وانموذجا أمثل للتنمية المستدامة.
نائب رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومفوض الاستثمار فيها، الدكتور عماد حجازين، يقول إن العقبة أصبحت بوابة للاستثمار المتنوع في ضوء تسهيلات عديدة كان آخرها الإعفاءات المتعلقة بتوحيد الضرائب عند 5%، والإعفاء في حال كانت البضائع للاستيراد والتصدير دون دخولها للأسواق المحلية، فضلاً عن تنافسية قيمة الرسوم المستوفاة في ميناء العقبة، ما عزز الحركة الاستثمارية والتجارية رغم مختلف التحديات التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
ويضيف، أنه لغاية تطوير الاستثمار وتوطينه، عبر تذليل جميع التحديات وتقديم الدعم المتكامل للمستثمر، قامت السلطة بإنشاء قسم يُعنى بمتابعة شؤون المستثمرين، حيث لا تتوقف المتابعة عند البدء بالمشروع، وإنما تستمر حتى ما بعد التشغيل، وذلك لمواجهة أية تحديات قد تعترض سير العمل مستقبلاً، ما انعكس إيجاباً في توسيع الاستثمارات الموجودة، أو شكل حافزاً لاستثمارات جديدة أخرى.
ويشير حجازين إلى أن أبرز الخطط المستقبلية تكمن في خطة العقبة (2018 – 2025)، والتي ترتبط بجدول زمني ومؤشرات أداء للقياس والتقييم، بحيث تتضمن ثلاثة محاور (السياحة، الاستثمار، التنمية المحلية)، ولكل محور منها مؤشرات أداء ليتم متابعته وتقييمه بشكل دوري من الجهات المعنية. ويوضح حجازين أنه تم التوقيع قبل أيام على تنفيذ أول مدينة صناعية من المدن الثلاثة التي تم إطلاقها العام الماضي، تحت إشراف مدينة العقبة الصناعية الدولية.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة، يرى أن العقبة تتمتع بمقومات وإمكانيات هائلة، إلا أنها تحتاج لأساليب إدارية أكثر حداثة وتطوراً، ما يؤكد الحاجة لوقفة تقييمية للتجربة الماضية والخروج بخطط تعظّم الإيجابيات وتقلل من المخاطر على الاقتصاد الوطني، وبالتالي تحقّق التكامل الاقتصادي بين مختلف القطاعات.
ويضيف أنه لا بد أن ينعكس الأثر الإيجابي للعقبة على محافظات الجنوب، بحيث يستفيد أبناؤها من الفرص الاستثمارية في المنطقة الخاصة، ما يسهم في التخفيف من مشكلات الفقر والبطالة عبر إيجاد فرص عمل تحقق التنمية في المجتمعات المحلية.
بدوره، يقول الناطق الإعلامي لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور عبد المهدي القطامين، إن ما تشهده العقبة اليوم من إقبال سياحي واستثماري لم يأتِ مصادفة، بل جاء نتاج عمل وجهد مستمر للترويج للمزايا والخدمات التنافسية، حيث استطاعت السلطة أن تنأى بمنتجها السياحي وبيئتها الاستثمارية عما شهدته المنطقة من صراعات وأحداث مختلفة في الأعوام الأخيرة، مبيناً أن “ما تحقق هو جزء من الحلم وليس الحلم كله”.
وحول أبرز الخطط المستقبلية يوضح القطامين، أن السلطة أطلقت استراتيجيتها الجديدة للأعوام 2018 – 2025 لإعادة إطلاق المنطقة الخاصة على المستوى المحلي والعالمي، لترتكز على محاور الاستثمار والسياحة والتجارة، بحيث تستهدف جلب استثمارات جديدة بقيمة 10 مليارات دولار، كما تسعى لزيادة عدد المناطق الصناعية من منطقتين إلى 5 مناطق العام 2025، ورفع عدد المراكز اللوجستية “المناطق الحرة” من 5 مراكز إلى 10 بحلول العام ذاته.
ويضيف، أن الخطة الجديدة للسياحة تستهدف زيادة عدد السياح من 600 ألف سنوياً إلى مليون سائح بحلول عام 2020، و1.6 مليون سائح بحلول العام 2025، إلى جانب زيادة معدل اقامة السائح من ليلة ونصف ليلة حالياً، إلى أربع ليال بحلول العام 2020، وست ليال بحلول العام 2025، فضلاً عن زيادة عدد الغرف الفندقية من 4500 غرفة حالياً، إلى 12 ألف غرفة بحلول عام 2025، وتوفير ما يزيد على 30 ألف فرصة عمل بحلول العام ذاته.
ويشير القطامين إلى أن السلطة طرحت عطاءات تنافسية للمشغّلين السياحيين، بهدف الوصول لأسواق سياحية جديدة، وتشترط العطاءات استقطاب عدد محدد من السياح من السوق المستهدف، مقابل تقديم دعم متزايد للمشغّل في حالة زيادة عدد السياح عن الرقم المطلوب، كما سترتبط هذه الآلية مع عطاءات أخرى لخلق تنافسية بين شركات الطيران التي تعمل على نقل السياح، عبر إحالة العطاء على شركة الطيران التي تقدم السعر الأقل وبنفس الجودة المقدمة وفقاً لشروط السلطة، ويرافق هذه الخطوات اعادة النظر في المنتج السياحي لتمكينه وتطويره المستمر.
ويبين أن تشغيل خطوط (راين إير) إلى العقبة من عدة جهات أوروبية، جاء ثمرة تعاون بين السلطة وهيئة تنشيط السياحة وشركة الطيران لتسهيل قدوم السياح إلى العقبة بتكلفة منخفضة، فضلاً عن توفير نقل منتظم للمستثمرين، مبيناً أن الإحصاءات الرسمية أظهرت نمواً في الحركة السياحية، حيث زادت عن 68 % خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وحول مدى مساهمة السلطة بفي لحد من البطالة وتوفير فرص العمل، يؤكد القطامين أن السلطة قامت منذ عامين باستحداث مديرية التدريب والتشغيل، التي وفرت أكثر من 2000 فرصة عمل في القطاع الخاص، كما تقوم بطرح نحو 20 – 25 فرصة عمل في القطاع الخاص أسبوعياً، بحيث يتم استقبال الطلبات وفق أسس ومعايير واضحة في نموذج الطلب الالكتروني، ويتم حصرها وتصنيفها حسب القطاعات والشهادات والخبرات والفرص التي يمكن العمل فيها.
ويتابع، أنه نظراً لتنامي الصناعات الأجنبية في مجال الملابس، أنشأت السلطة مركزاً لتدريب الخياطة وتجهيزه بالمعدات اللازمة لغايات تمكين الفتيات وتأهيلهن لسد احتياجات المصانع، حيث تم الانتهاء من تدريب 300 متدربة وإلحاقهن بسوق العمل، فيما يتم تدريب 200 متدربة حالياً، كما أطلقت السلطة مبادرة “مشروعك” للمشاريع الريادية بكلفة 50 ألف دينار، والتي توفر قروضاً حسنة لكل مشروع ريادي يمكّن القائمين عليه من التشغيل وتحقيق الاكتفاء الذاتي، فيما أولت السلطة قطاع الشباب أهمية خاصة، تمثلت بدعم الرياضة والأندية بنحو 60 ألف دينار، وإنشاء صندوق لدعم الرياضة بالعقبة.
الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي فايق حجازين، يؤكد على “الحاجة الملحة” لإعادة إطلاق العقبة كوجهة استثمارية أكثر منها وجهة سياحية، وذلك عبر مراجعة حصيفة تستهدف ما أُنجز وتعالج ما لم يدرك سابقاً، حيث أن عوامل نجاح العقبة منذ إطلاقها تمثلت بتسليط الضوء على الميزات التنافسية للمدينة.
ويقول، إن العقبة مؤهلة لتكون وجهة استثمارية لقربها من البحر الأحمر، وبما تمتاز به من خطوط بحرية منتظمة بعيدة عن صراعات المنطقة، إلى جانب سلامة موانئ العقبة وأمنها وقربها للبحر الأبيض المتوسط، مضيفاً أنها نجحت في استقطاب استثمارات صناعية مجدية، فضلاً عن وجود فرص أخرى لزيادتها في الصناعات التكميلية أوالتحويلية، عبر التركيز على الميزات التنافسية من حيث الموقع وتنافسية الأجور.
ويلفت إلى وجود تقصير في تسويق العقبة كوجهة سياحية رغم امتلاكها بنية تحتية تمكّنها من أن تكون مقصداً مميزاً، داعياً إلى استثمار “مطار الملك حسين” بهدف استكمال المنظومة السياحية وتمكينه من استقبال رحلات الطيران العارضة أو المنتظمة.
ويشدد على أن “العقبة هي بوابة الأردن للعالمية” لكونها تحتضن الميناء البحري الوحيد للمملكة، ما يؤكد ضرورة تعزيز دورها وتطويرها في هذا الاتجاه، فضلاً عن قربها من التجمعات الاستهلاكية العالمية، كمنطقة الخليج العربي، ووسط وشرق إفريقيا.
–(بترا)
ع ش/ م ن/س ق29/12/2018 14:19:02