النظام السوري الجديد: أسئلة للمستقبل | أ. د. وليد عبد الحي*
تمر عمليات التحول السياسي في أية دولة بمراحل انتقالية، وخلال هذه المرحلة وقبل الانتقال إلى التطبيق، فإن قوى التحول بخاصة المركزية منها تعلن عن الخطوط العريضة لاستراتيجيتها لكي يحدد المجتمع موقفه من الأطياف السياسية المكونة لقوى التغيير، ومن الواضح أن هيئة تحرير الشام هي العمود الفقري لقوى التغيير، وهي حركة ذات توجه ديني.
ذلك يستدعي من البداية الإقرار بأن المرحلة الانتقالية تستوجب تحديد مبادئ الخطوط العريضة للبرنامج الذي تقترحه الإدارة الجديدة لكي يحدد المجتمع موقفه من النظام الجديد.
فهذه الإدارة الجديدة لديها تصور أقامت معارضتها للنظام السابق على أساسه، ولن أتناول الوضع الداخلي وطبيعة الأسس الدستورية التي سيبنى النظام الجديد عليها، بل سأطرح أسئلتي في المجال الخارجي تحديداً، فليس معقولاً أن لا يكون هناك تصور أولى كمبادئ إرشادية للتوجهات الاستراتيجية الخارجية للنظام الجديد.. وإلا كيف سيحدد المجتمع موقفه من النظام الجديد؟
وهنا نطرح مجموعة من الأسئلة التي يحتاج المجتمع السوري معرفتها من البداية لكي يقرر المجتمع موقفه.. فالتصور الاستراتيجي يسبق الانتقال للميدان التطبيقي، وهو ما يجعل طرح الأسئلة التالية مشروعاً ويقتضي إجابات واضحة وفي بيان رسمي لا تصريحات عامة قابلة للتأويل:
أولاً: ما هو موقف النظام الجديد وبخاصة هيئة تحرير الشام من القضية الفلسطينية؟ هل أنتم مع حق الفلسطينيين في المقاومة أم لا؟ وهل ستقدمون لهم المساعدة في ذلك؟ أم أنكم ستعتبرونها قضية تخص الفلسطينيين فقط؟
ثانياً: هل أنتم مع التطبيع أم ضده؟ وهل لديكم استعداد للتطبيع؟
ثالثاً: هل ترفضون قرار إسرائيل ضم هضبة الجولان؟ إذا كان الجواب بنعم، فما هي استراتيجيتكم لاستعادتها؟ وإذا أيدتم التطبيع فهل ستربطونه بشرط استعادة الجولان على غرار المملكة السعودية وحل الدولتين؟
رابعاً: هل ستطلبون من القوات الأمريكية والتركية والروسية مغادرة الأراضي السورية؟ كم تتوقعون بقاءها؟
خامساً: ما هو الإطار السياسي الذي ستمنحونه لأكراد سوريا؟ هل هو الانفصال أم الحكم المحلي أم على غرار كردستان العراق؟ أم تحويل سوريا لدولة فدرالية؟ ومع أن هذا الأمر شأن داخلي إلا أن انعكاساته الإقليمية لا تخفى على أحد.
سادساً: لو (حتى التي تفتح عمل الشيطان) تم أحياء مشروع مد أنابيب الغاز من قطر لأوروبا لتخفيف الاعتماد الأوروبي على روسيا، هل توافقون؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة يحدد الأسس التي يمكن من خلالها تحديد الموقف من النظام الجديد.
*خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن سابقاً، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وهو عضو سابق في مجلس أمناء جامعة الزيتونة في الأردن، وجامعة إربد الأهلية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للإعلام. ألَّف 37 كتاباً، يتركز معظمها في الدراسات المستقبلية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، ونُشر له نحو 120 بحثاً في المجلات العلمية المحكّمة.