ما بعد الأسد: مستقبل التطورات السياسية والعسكرية في سوريا (حلقة نقاشية)

ما بعد الأسد: مستقبل التطورات السياسية والعسكرية في سوريا

2025-01-21 10:55 ص

ما بعد الأسد: مستقبل التطورات السياسية والعسكرية في سوريا (حلقة نقاشية)

 

حلقة نقاشية بعنوان “ما بعد الأسد: مستقبل التطورات السياسية والعسكرية في سوريا”، عقَدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” واستضاف فيها المركز رستم محمود الكاتب والباحث السوري، الحاصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع السياسي من جامعة كيكا في مدينة هامبورج بألمانيا. وقد تناولت الحلقة ملامح التحولات القائمة والمحتملة في سوريا بعد سقوط نظام “بشار الأسد”.

 

إشكاليات متعددة:

خلقت التطورات المتسارعة الأخيرة في سوريا، وعلى رأسها سقوط نظام “بشار الأسد”، عدداً من الإشكاليات بشأن تصورات المرحلة الانتقالية، ونظام الحكم الجديد خلال ما بعد حقبة “الأسد” ونظام حزب “البعث” السوري. ويمكن تناول أبرز الإشكاليات المرتبطة بنظام الحكم الجديد في سوريا على النحو التالي:

1– المخاوف من النهج المتطرف لهيئة تحرير الشام: مع استيلاء الفصائل المسلحة على الحكم في سوريا، بزعامة هيئة تحرير الشام، برزت مخاوف واسعة مرتبطة بالتاريخ المتطرف للهيئة وزعيمها “أحمد الشرع” المدرجَين على لوائح الإرهاب في عدد من الدول. وفي هذا الإطار، طرح المتحدث الرئيسي تساؤلات حول احتمالات استمرار “الشرع” في نهجه المتطرف، ورأى أن هناك أفكاراً بدأت تتغير من جانب زعيم “هيئة تحرير الشام”، كما بدأ يتخلى عن بعض ملامح خطابه المتطرف الذي كان معروفاً به.

ويرى المتحدث الرئيسي أن خطاب “أحمد الشرع” كلما كان أكثر “وسطيةً” وانفتاحاً، زادت فرص وأدوات سيطرته على المجتمع في سوريا، لافتاً إلى أن الدولة والمجتمع السوريَّين كبيران ومتنوعان بشكلٍ كبير، وإذا استمرت أفكار “الشرع” المتطرفة فسيواجه معارضة مجتمعية واسعة؛ ما يستدعي ضرورة انفتاح النظام السوري الجديد على كافة الطوائف.

 

2– مواجهة الحكومة الجديدة في دمشق أزمة دستورية: لفت المتحدث الرئيسي إلى أن آلية سقوط نظام “الأسد” في سوريا، أفضت إلى أزمة دستورية، وإثارة التساؤلات حول مُرتكزات ومرجعية شرعية نظام الحكم الجديد داخل سوريا؛ حيث اعتبر أن الحكومة الجديدة لا تمتلك شرعية دستورية، وتواجه إشكالية بهذا الصدد.

ففي حين يتم تعليق العمل بالدستور أو إلغاؤه في حالة الانقلابات العسكرية، أو تفويض السلطة للأطراف المسؤولة دستورياً عن الحكم حال غياب الرئيس، فإن الوضع في دمشق كان مختلفاً؛ حيث سيطرت الفصائل المسلحة على الحكم في الوقت الذي ظل فيه الدستور مُفعلاً، على الأقل من الجانب القانوني والرسمي. وربما لمواجهة تلك الإشكالية، أعلنت الحكومة الانتقالية في سوريا، في 12 ديسمبر 2024م، تعليق العمل بالدستور الحالي، وتجميد برلمان البلاد لمدة 3 أشهر؛ وذلك رغم أن المتحدث الرئيسي طرح تحديات بخصوص تلك المسألة، معتبراً أن “الشرع” لا يمتلك صفة شرعية للإقدام على خطوة إيقاف العمل بالدستور.

 

3– تصاعد الجدل بشأن إمكانية تطبيق أو تعديل القرار 2254: يثار الجدل في سوريا حول إمكانية تطبيق القرار الأممي رقم 2254؛ وذلك بهدف إضفاء قدر من الشرعية على السلطة الجديدة، بوصفه قراراً أممياً يمكن أن يقدِّم إطاراً للحكم في سوريا، ولكن يواجه هذا الأمر تحديات رئيسية، في مقدمتها أن “الشرع” وأغلب الفصائل لن تتقبل تطبيق القرار، وهو ما عبَّر عنه زعيم “هيئة تحرير الشام” صراحةً، بدعوته إلى إعادة النظر في ذلك القرار، فضلاً عن الرفض الكردي أيضاً لتطبيق ذلك القرار.

وتُبرِّر الفصائل المعارضة لتطبيق القرار موقفها بأن ذلك القرار كان يمثِّل صيغة تفاوضية بين النظام والفصائل المعارضة، وليس آلية “ثورية” للإدارة في الواقع الذي شهد سقوط النظام نفسه بسيطرة الفصائل المسلحة على الأراضي السورية.

 

4– رفض بعض الجماعات دعوات العودة إلى دستور 1950م: ثمَّة طرح يدفع بإمكانية العودة إلى دستور 1950م كإطار دستوري توافقي لتنظيم الوضع السياسي القائم، وخصوصاً أنه لا يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ويُوصف بأنه دستور يلبي بعض مطالب المعارضة المدنية، ويحمل طابعاً ليبرالياً، ويؤكد المساواة، ولا يرتبط بنظام “البعث”. ومع ذلك، يتوقع المتحدث الرئيسي أن تواجه تلك الدعوات رفضاً شديداً من بعض الجماعات، وخاصةً الجماعات المتطرفة.

 

5– إعادة إنتاج ديناميكيات حُكم نظام “البعث” السوري: حذر المتحدث الرئيسي من أن الترتيبات الراهنة تُعيد إنتاج ديناميكيات حُكم نظام “البعث” مجدداً؛ وذلك في ضوء وجود “هيئة تحرير الشام”، التي وصفها بأنها “سلطة خفية” تتحكم فعلياً في مقاليد الأمور، وليس حكومة “محمد البشير”؛ حيث يوجد في سوريا حالياً سلطتان؛ إحداهما ظاهرة تتمثل في الهيئات الحكومية، وأخرى “خفية” تتمثل في “الشرع” الذي يسيطر فعلياً على قرارات السلطة، بما يلفت أيضاً إلى تركيز السلطة في يد “هيئة تحرير الشام”، على نحوٍ مشابه لتركيز السلطة في يد حزب البعث السوري، خلال سنوات حكم “حافظ الأسد” و”بشار الأسد”.

 

6– عدم وجود قوى سياسية قادرة على تشكيل مؤتمر وطني جامع: لمواجهة أزمة الشرعية الدستورية، وللحد من فرص الهيمنة الفردية على الحكم في سوريا، يدعو البعض إلى تكوين مؤتمر وطني جامع على غرار مؤتمر سوريا الأول عام 1919م، أو إطار يشبه المؤتمر الذي شكلته قوى المعارضة السورية في بداية الصراع. ولكن يرى المتحدث الرئيسي أن سوريا تعاني من عدم وجود تنظيمات سياسية قوية فاعلة على الأرض يمكن الاستناد إليها من أجل عقد مؤتمر وطني جامع يحدد مستقبل النظام السياسي السوري.

 

7– اعتبار “الائتلاف الوطني السوري” منصة مُعترفاً بها دولياً: أفاد المتحدث الرئيسي بأن “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” يمثِّل منصة مُعترفاً بها دولياً، ومن ثم قد يحظى بالشرعية الدولية لتمكينه من الحكم في سوريا بشكلٍ مؤقت، أو لعب دور رئيسي في صيغة الحُكم المؤقتة.

 

8– صعوبة تطبيق مقترحات الإشراف الأممي على السلطة السورية: طرحت بعض الأصوات أفكاراً حول تطبيق الإشراف الأممي على سوريا، كمَخرج من إشكاليات الشرعية والواقع المعقد، والإشراف على عملية تسوية الأزمة السورية، وتأكيد الشرعية للسلطة الجديدة بإشراف أُممي، ثم استكمال إجراءات الانتخابات، إلا أن الواقع الدولي الراهن، وخاصةً من ناحية الولايات المتحدة والصين وروسيا، لن يساعد في تحقيق هذا السيناريو، وفق توقعات المتحدث الرئيسي.

 

9– استشراف الآليات المقترحة حول إعادة بناء الجيش السوريأشار المتحدث الرئيسي إلى أن الفترة الراهنة في سوريا من المفترض أن تشهد مساعي إعادة بناء المؤسسات في الدولة السورية، بما في ذلك الموقف من إعادة بناء الجيش السوري، وهي قضايا إشكالية؛ فهناك تساؤلات مطروحة حول مستقبل الجيش السوري بشكلٍ خاص، على رأسها إمكانية قبول الفصائل المسلحة بإعادة بناء الجيش السوري، مع استبعاد القيادات التابعة لنظام “الأسد”، أو لجوء تلك الفصائل إلى النموذج العراقي بالإقدام على حل وتفكيك الجيش السوري.

 

وبالنظر إلى وجود عشرات الآلاف ممن كانوا يعملون تحت راية الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية في عهد “الأسد”، فإن هؤلاء قد يمثِّلون إشكالية لمحاولة تفكيكهم، مع طرح تساؤلات بشأن سُبل تعاملهم مع محاولات إبعادهم، وحل الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتفكيك سلطتها.

 

وتشير تصريحات “الشرع”، في 17 ديسمبر 2024م، إلى توجهاته بشأن تلك القضية؛ حيث قال: “كان الجيش الحالي عاملاً مساعداً لجرائم النظام بقصف المدن والقرى، لكننا بدأنا نُسرِّح العناصر المجنَّدة، والاعتماد على قوات إدلب (هيئة تحرير الشام)، ومتطوعين جدد. ويختلف وضعنا عن العراق؛ لأننا خرجنا من مناطق محرَّرة، ونظَّمنا قواتنا في إدلب، وفتحنا باب الانتساب تطوعياً، وليس إجبارياً”، كما كشف عن التوجه نحو حل الفصائل المسلَّحة وانضواء مقاتليها في “الجيش السوري الجديد”، تحت راية وزارة الدفاع التي تسيطر عليها حكومة “البشير”، متعهداً بألا يكون هناك سلاح إلا بأيدي الدولة السورية.

 

10– قلق من انفجار صراعات عسكرية بين الفصائل المسلحة: لفت المتحدث الرئيسي إلى وجود تخوفات كبيرة من طبيعة العلاقات بين الفصائل والحركات المسلحة المختلفة داخل سوريا، وإمكانية اندلاع صراع بينها، محذراً من احتمالات انفلات صراع جديد على السلطة بين ما كانت تُعرَف بـ”فصائل المعارضة المسلحة” في سوريا، في ظل وجود العديد من القوى المسلحة داخل سوريا، بما لتلك القوى من توجهات ومصالح داخلية وارتباطات خارجية مختلفة، وحذَّر من وجود عشرات الآلاف من العناصر المسلحة في سوريا، بما يخلق إشكالية أمنية كبيرة، واحتمالات مطروحة لصراعات بينية.

فعلى سبيل المثال، هناك “هيئة تحرير الشام” المسيطرة فعلياً على ما تُعرَف بـ”الإدارة السورية الجديدة”، في العاصمة، وهناك “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، وهناك أيضاً “قوات سوريا الديمقراطية” ذات الطابع الكردي، والفصائل المسلحة في الجنوب، بالإضافة إلى قوى مُسلحة أخرى؛ ما يلفت إلى خرائط سيطرة مُقسَّمة جديدة في سوريا، بعضها موجود بالفعل، والآخر قد يكون قيد التشكُّل أو التغيير.

 

11– تهديد المحاكمات الواسعة فرص ضمان الاستقرار المجتمعياعتبر المتحدث الرئيسي أن قضية المصالحة وكيفية التعامل مع المتورطين في جرائم ضد السوريين، تُعد واحدة من أهم القضايا التي ستؤثر على مستقبل سوريا خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن المصالحات وما وصفها بـ”المحاكمات الرمزية” ربما تكون أقرب إلى تعزيز الاستقرار داخل سوريا خلال المرحلة الانتقالية، وكلما كانت المحاكمات ضخمة وحادة، تراجعت فرص الاستقرار السريع، وزادت مخاطر الاضطرابات والصراعات.

فمن منظور المتحدث الرئيسي، يوجد نحو نصف مليون شخص متورطين في جرائم تستدعي المحاكمة، وهو رقم كبير يرى المتحدث الرئيسي أنه إذا تمت محاكمتهم وإقرار عقوبات حادة بحقهم جميعاً، فإن ذلك يمكن أن يُفجِّر موجة جديدة من العنف والصراع، بينما تسهِّل المصالحة الوطنية تقليل فرص تفجُّر العنف من جديد، ومن شأنها تعزيز فرص الاستقرار المجتمعي والسياسي.

 

12– ارتباط السوريين بخيار الدولة المركزية مقابل الأطروحات الفيدرالية: في ظل وجود بعض الأحاديث حول فرص طرح النموذج الفيدرالي لتطبيقه في الدولة السورية، لفت المتحدث الرئيسي إلى وجود تفكير جمعي لدى السوريين يفضل فكرة الدولة المركزية، مع ارتياب العديد من السوريين بشأن أطروحات تطبيق الفيدرالية، مع التنبيه بشأن أن الفيدرالية ستظل خياراً مطروحاً في حالة تفجُّر الصراعات الداخلية في سوريا على أسس طائفية، أو مناطقية، أو اندلاع دورة جديدة من الصراعات المسلحة بين فصائل تسيطر على محافظات معينة، وكذلك إذا غاب التوافق حول الدستور وآليات الحكم.

كما أن النموذج الفيدرالي يمكن أن يُطرح حال تنامي الصراع على الموارد، وعدم الاتفاق على حلول للأزمات، وانعدام التوزيع العادل للموارد، وغياب التنمية المتوازنة؛ فإذا تصارعت القوى الداخلية، ووكلاء القوى الإقليمية للسيطرة على المناطق الغنية بالموارد، فقد يبرز الخيار الفيدرالي مرة أخرى.

 

التفاعلات الخارجية:

تتقاطع الأزمة الراهنة في سوريا مع مصالح العديد من الأطراف الإقليمية والدولية؛ لذلك استعرض المتحدث الرئيسي رؤى ومصالح تلك القوى تجاه سوريا على النحو التالي:

1– نَظَر تركيا إلى سوريا كممر تجاري واستراتيجي مع العالم العربيأشار المتحدث الرئيسي إلى أن تركيا لديها مصالح عديدة داخل سوريا؛ حيث ترى أنقرة أن سوريا يمكن أن تكون ممراً آمناً لها، وخاصة فيما يتعلق بإمداد الغاز والنفط إلى دول أخرى، ويمكن أن تكون جزءاً في مشروعات ممرات التجارة والنقل الإقليمية المرتبطة بتركيا. وفي ظل تراجع فرص الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ترى تركيا في سوريا بوابةً ومدخلاً مهماً نحو العالم العربي.

 

2– حرص تركيا على استمرار وجود فصائل موالية لها داخل سورياوفق المتحدث الرئيسي، ستسعى تركيا إلى الضغط عبر وكلائها والفصائل الموالية لها داخل سوريا من أجل تحجيم نفوذ الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية التي تُعد من الفصائل المناوئة بشكل كامل للنفوذ التركي في سوريا. لافتاً إلى أن أنقرة تحرص على وجود فصائل تابعة لها في سوريا، في ظل بعض الهواجس بشأن مستقبل العلاقات مع “الشرع”. واعتبر المتحدث الرئيسي أن سُبل إدارة “قوات سوريا الديمقراطية” علاقاتها مع تركيا، وخاصةً الموقف من “حزب العمال الكردستاني” من المرجح أن يلعب دوراً في تحديد مستقبل “قسد” داخل سوريا.

 

وأكد المتحدث الرئيسي وجود نفوذ تركي كبير على الفصائل المسلحة في تركيا، يتراوح بين التبعية المطلقة والعلاقات الوطيدة؛ حيث كشف عن وجود العديد من العناصر في “الجيش الوطني السوري” اعتبرهم من “صنيعة الاستخبارات التركية”، ويتبعون الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بصورة مطلقة، بالإضافة إلى محافظة عناصر “هيئة تحرير الشام” وحلفائها الذين كانوا يسيطرون على إدلب، على علاقات قوية مع تركيا، لكنهم لا يقبلون السيطرة الكاملة عليهم من جانب أنقرة، وفق ما أوضح المتحدث الرئيسي.

 

3– احتمالية عودة الدور الإيراني من خلال البوابة العراقيةأكد المتحدث الرئيسي إدراك إيران الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لسوريا، فلا تزال دمشق تمثِّل أهمية كبيرة في الدوائر الإيرانية، رغم تراجع النفوذ الإيراني بعد سقوط نظام “الأسد”، ولكنه يلفت إلى احتمالية عودة الحضور الإيراني في سوريا، عبر بوابة العراق، وخاصةً إذا عاد النشاط الإرهابي إلى سوريا، الذي قد تجد من خلاله طهران مبررات لإعادة نشاط الميليشيات الموالية لها في سوريا، وتستغل الاضطرابات المحتملة للحصول على موطئ قدم جديد في سوريا بعد التحولات الأخيرة.

 

4– مكاسب وتحديات مختلطة للأردن من التطورات السوريةأفاد المتحدث الرئيسي بأن المملكة الأردنية الهاشمية تراقب عن كثب تطورات الأوضاع في سوريا بحذرٍ كبير، خاصةً أن ما يحدث على الأراضي السورية يؤثر على أمن المملكة، في ظل قلق من احتمالات تضرر الأردن من أي نشاط إرهابي أو تمركز جماعات متطرفة في سوريا. ومن ثم سيسعى الأردن إلى بناء نفوذ له داخل سوريا، للحفاظ على مصالحه، والاعتبارات الأمنية.

ولكن في الوقت نفسه، فإن الأردن حصل على بعض الاستفادة من التطورات الأخيرة في سوريا، من زاوية تضرر المملكة خلال السنوات الماضية من سياسات النظام السوري، والتعارض بين سياسات البلدين؛ حيث تأثرت المملكة الأردنية بالوجود الإيراني داخل سوريا، كما كانت عمان محسوبة على ما يُعرف بـ”محور الاعتدال”، فيما كانت دمشق محسوبة على ما يُعرف بـ”محور الممانعة”، وفق المتحدث الرئيسي.

 

5– رغبة إسرائيل في إضعاف سوريا سياسياً وعسكرياًأكد المتحدث الرئيسي رغبة إسرائيل في إضعاف سوريا سياسياً وعسكرياً، ولكن في الوقت نفسه يرى أن تل أبيب ترغب في استعادة دمشق توازنها وقدراتها الاقتصادية، وقد تضغط إسرائيل نحو إقامة نظام مدني ديمقراطي لا يريد أن يتحول إلى قوة إقليمية مُهيمنة، وألا تمتلك دمشق جيشاً قوياً أو مؤثراً في السياسة السورية؛ حتى لا يتحول إلى مصدر تهديد محتمل للأمن الإسرائيلي، وألا يتمتع بالقدرة على ردع أي تحركات إسرائيلية، مع الإشارة إلى اهتمام إسرائيلي محتمل بالتوصل إلى اتفاق تطبيع مستقبلي مع سوريا، يُنهي عقوداً من الصراع بين البلدين.

 

6– غموض موقف “ترامب” من بقاء القوات الأمريكية في سوريابينما يؤكد المتحدث الرئيسي انخراط الولايات المتحدة في كل ما جرى، مع اتخاذ الرئيس “جو بايدن” قراراً ببقاء القوات الأمريكية في سوريا، فإن موقف الرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب” من استمرار بقاء تلك القوات، بعد توليه الحكم، لا يزال غامضاً؛ فمن الصعب توقُّع سياسات إدارة “ترامب” المرتقبة تجاه دمشق، رغم إدراك الأهمية الاستراتيجية لسوريا، خاصةً أنه يميل إلى تخفيض درجة الانخراط الأمريكي في بعض المناطق، مثل الشرق الأوسط، مع التركيز على بعض المناطق مثل شرق آسيا، ومواجهة الصين.

وكذلك من غير المؤكد إذا ما كانت واشنطن ستضغط على السلطة الموجودة في سوريا من أجل القيام بإصلاحات فعلية، وربط الإصلاحات بمنح الشرعية والاعتراف، وحدود ومضامين تلك الإصلاحات. وفي هذا الإطار، يتوقع المتحدث الرئيسي أن تعمل واشنطن عبر ثلاثة مسارات: يركز الأول على ربط الاعتراف الأمريكي بالسلطة الحاكمة بما تتخذه من قرارات وإصلاحات فعلية وفق الرؤية الأمريكية. أما المسار الثاني فيركز على الضغط على تل أبيب؛ كي لا تُفسد مسار المباحثات والخطط الأمريكية المشتركة مع الفصائل السورية. ومن جهةٍ ثالثة، من المتوقع أن تعزز واشنطن علاقاتها مع دول المنطقة، للتنسيق بشأن التحركات داخل سوريا، والمساهمة في عملية التنمية وإعادة الإعمار.

 

7– مراقبة روسيا التطورات للحفاظ على مصالحها الإقليمية: أكد المتحدث الرئيسي أن روسيا ستظل تراقب عن كثب ما يجري في الداخل السوري، بل ستعمل على بناء علاقات مع القوى الجديدة المسيطرة على الحكم، أو التي تشكل ملامح خريطة التنافس السياسي والعسكري داخل الأراضي السورية؛ وذلك من أجل الحفاظ على المصالح الروسية في سوريا، وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفي الشرق الأوسط بشكلٍ عام. ويُنظر في هذا الإطار بشكلٍ خاص، إلى اهتمام موسكو بالحفاظ على قواعدها وقواتها العسكرية في سوريا، وخاصةً قاعدتَي حميميم الجوية، وطرطوس البحرية.

 

8– قلق بكين من تضرر مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسطأوضح المتحدث الرئيسي أن الصين تتخوف من أي اضطرابات محتملة في سوريا؛ لأنها ستؤثر على مصالحها الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، كما أن العراق المجاور لسوريا يُعد محطة مهمة في طريق التجارة الصينية. وتُظهر الصين اهتماماً متزايداً بمشروع طريق التنمية الذي يربط ميناء الفاو في جنوب العراق بالحدود التركية.

 

9– متابعة أوروبية جادة للتطورات بسبب ملفي اللاجئين والإرهابتُولي أوروبا أهمية كبرى لتطورات الملف السوري كملف حيوي يرتبط بالمعطيات الأمنية والاقتصادية في القارة، وخاصةً في ظل وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على أراضيها، كما أن استمرار الحرب في سوريا كان محفزاً على استمرار موجة اللجوء بما تطرحه من تحديات أمنية واقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي، كما توجد مخاوف أوروبية من انفجار موجة جديدة من الإرهاب في سوريا.

 

10– شراكة محتملة متعددة الأطراف بشأن تمويل إعادة الإعماراعتبر المتحدث الرئيسي أن سوريا قد لا تحتاج أطرافاً خارجيةً للقيام بعمليات إعادة الإعمار، لكنه في الوقت نفسه طرح تساؤلات مُلحة حول التمويلات اللازمة لتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، ومن الجهات التي يمكنها تقديم تمويلات ضخمة طويلة المدى لصالح ذلك الملف، وقدَّم تقديرات بحاجة سوريا إلى نحو 200 مليار دولار لتمويل مشروعات إعادة الإعمار، وهو مبلغ كبير يحتاج إلى مشاركة عدد من الدول.

ولذلك طرح المتحدث الرئيسي سيناريو شراكة أمريكية–أوروبية–عربية–تركية لتوفير مستهدفات التمويل اللازمة لمشروعات إعادة الإعمار والبناء، لكن ستكون تلك الحزم التمويلية، وفق ذلك السيناريو، مشروطة بالإصلاح السياسي، ومسار ديمقراطي تشاركي، مع ضمان تحقيق التنمية المتوازنة بين المركز الأطراف، في ظل استنكار مواطني الريف السوري نمط التنمية المركزي السابق.

 

أهمية جيوسياسية:

وختاماً، لفت المتحدث الرئيسي إلى الأهمية الجيوسياسية الكبيرة لسوريا في المنطقة، من منطلق تأثير التحولات في الداخل السوري على الأطراف المجاورة من جهة، كما أن تلك التحولات تعبِّر بدورها عن تحولات أوسع في المنطقة، من جهة أخرى، فضلاً عن الارتباط السوري بعدد من القضايا المحورية في المنطقة، مثل التداخلات السورية مع الملف الفلسطيني، خاصةً أن القضية الفلسطينية تتصل اتصالاً وثيقاً بالتفاعلات داخل المجتمع السوري، فضلاً عن ارتباط التطورات السورية بقضايا أخرى، مثل حدود النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

 

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments