مستقبل التعليم في ظل التطور التكنولوجي
الأستاذ يتحرك في مثلث، الضلع الأول هو المحتوى العلمي الذي يريد أن يعطيه للطلبة، الضلع الثاني هو طريقة التدريس التي سيتبعها الأستاذ كي يعطى المحتوى بأكبر كفاءة ممكنة، أما الضلع الثالث فهي الأدوات التي يستخدمها الأستاذ في مهمته.
في هذا المقال سنعطى نبذة عن كل ضلع من مثلث التعليم هذا واضعين في الاعتبار التقدم التكنولوجي الحالي. المحتوى العلمي هو المادة العلمية التي تريد إعطاءها للطالب في مدة زمنية معينة هي الفصل الدراسي، لا نريد تكرار عبارات معلبة مثل الكيف أهم من الكم إلخ لكن هناك عدة اعتبارات يجب أن نأخذها في عين الاعتبار في أيامنا هذه، أولا عند تدريس مادة علمية يجب تنمية التفكير النقدي عند الطالب، فمثلا عندما نعطى الطالب طريقة معينة لحل مسألة لا يجب أن نعطى خطوات يسير عليها الطالب بل يجب شرح أسباب كون هذه الطريقة هي أفضل طريقة وهل هناك طرق أخرى وهل هناك أحوال لا تنفع فيها تلك الطريقة إلخ، هذا يستغرق وقتا ولكنه ليس وقتا ضائعا، تقليل المادة العلمية مع زيادة جرعة التفكير النقدي هو ما نريده من الجيل القادم.
ثانيا يجب أن يعلم الطالب أن العلم يتقدم وهذا معناه أن بعض ما يتعلمه الآن قد يصبح عديم الفائدة في المستقبل القريب أو البعيد لذلك يجب تعليمه كيف يرصد تطور العلم وكيف يتعلم الجديد، لاحظ أننا نتكلم عن مهارتين هنا: مهارة التعلم ومهارة النسيان. ثالثا يجب ترك جزء صغير من المنهج يتعلمه الطالب بنفسه ثم يتم امتحانه فيه وهي نقطة مرتبطة بالنقطة السابقة وهي مهارة التعلم الذاتي، طبعا في هذه المرحلة ينبغي أن يعطى الأستاذ توجيهاته للطالب حتى أثناء التعلم الذاتي. هذا يقودنا إلى طريقة التدريس. عندما نتحدث عن طريقة التدريس فإننا نتحدث عن الأستاذ نفسه: شخصيته ومهارته وعلمه، وهناك نقطة يغفل عنها الكثير من الناس أو يستخفون بها وهي الفكاهة في قاعة المحاضرات، الفكاهة تساعد على تقليل التوتر أثناء إعطاء المادة العلمية خاصة لو كانت صعبة وتقوى العلاقة بين الأستاذ وطلبته.
ثالثا الأستاذ يجب أن يكون على استعداد للاعتراف بالخطأ إذا قام أحد الطلبة بتصحيح معلومة أو إبداء رأي أفضل، الطلبة الآن تستطيع بسهولة الوصول إلى المعلومة وشرحها وتاريخها إلخ وبالتالي هناك مصادر عدة يتفاعل معها الأستاذ، وقد يطلب الأستاذ من الطلبة البحث عن معلومة معينة ويقول صراحة إنه هو شخصيا لا يعرفها وسيتعلمها معهم، وهي رسالة للطلبة أنه لا أحد فوق التعلم. نأتي إلى الأدوات التي يستخدمها الأستاذ، في الماضي كانت السبورة والمحاضرة بصوت الأستاذ، ثم تطور الموقف وأصبح هناك برمجيات لعرض المعلومات مثل (PowerPoint)، الآن ظهرت برمجيات الذكاء الاصطناعي مثل (chatGPT) ويمكن أن يستخدمها الأستاذ والطلبة معا، الأستاذ يطب من الطلبة استخدامها لعمل بحث معين ثم يطلب منهم إرفاق السؤال الذى أعطوه للبرنامج والتعديلات التي كتبوها فوق ما انتجته البرمجيات، ويمكن للأستاذ استخدام تلك البرمجيات لعمل مسائل جديدة للطلبة أو ابتكار مشاريع جديدة مع مراجعة ما تنتجه تلك البرمجيات لأنها مازالت في طور التجارب وبعض ما تنتجه يكون ناقصا أو خاطئا. في القرن الحادي والعشرين التفكير النقدي واستخدام الأدوات التكنولوجية أصبح أكثر أهمية من الكم، فهل نحن جاهزون؟