رسم السيناريوهات المستقبلية…د. علي الددا

رسم السيناريوهات المستقبلية…د. علي الددا

2020-12-15 12:31 م
الكاتب :

رسم السيناريوهات المستقبلية…

 

لطالما انشغل الإنسان، منذ القدم، بكل ما يتعلق بـالمستقبل، بدءاً من محاولاته لفهم كل ما يدور حوله، مروراً بسعيه إلى البحث عما يساعده على الحفاظ على حياته من المخاطر التي لا يعرف في أي وقت ستحيط به، وسعيه المتكرر إلى طرح الأسئلة التأملية الفلسفية، التي يبحث من خلالها عن تفسير لكل ظاهرة حجبتها أستار الغموض، ووصولاً إلى استخدامه الطرق العلمية مثل: الاستكشاف والإحصاء، في تقديم تأصيل معرفي، ورؤية واضحة لما يدور حوله، تتمثل في تعميق إدراكه للتحديات والفرص المتاحة، والتي ستعينه على استشراف آفاق المستقبل.

 

والاستشراف هنا هو ما سيؤدي بنا إلى تحديد مدى القدرة على رسم سيناريوهات معينة تتعلق بقضية أو حدث ما، تساعد لاحقًا في ألا يُفرض علينا المستقبل كواقع، تتمثل استجاباتنا له، في أحسن الأحوال، بردود فعل آنية ولحظية، ليس أكثر. ولكي نتمكن من استشراف المستقبل، ظهرت الدراسات المستقبلية، وتزايدت أهميتها، وأخذت تشق مسارها في بنية مختلف العلوم الطبيعية منها والاجتماعية، بل أن الدراسات المستقبلية تعد من بين أحدث التخصصات التي تمنحها الجامعات المرموقة، كدرجات علمية ضمن برامج الدراسات العليا فيها، باعتبارها جهداً علميًا منظمًا، يهدف إلى استشراف المستقبل بعيد المدى، بما يتضمنه من تصورات وحلول مبتكرة وأهداف ممكنة التحقق.

 

لقد استخدمت الدراسات المستقبلية، التي تعتمد أساساً على التفكير العلمي، مقومات وأساليب معتمدة في التحليل مثل: تحليل المضمون والتناظر والإسقاط، بالإضافة إلى تداخل عملية توظيف هذه الدراسات مع مختلف العلوم وفي شتى المجالات مثل: التخطيط الإداري والاقتصادي والنمو الديمغرافي والصراعات والحروب والتكتلات الاقتصادية واتجاهات العولمة، ومصادر الطاقة والتلوث البيئي…الخ.

 

وبهدف توفير القدرة اللازمة للاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية، ازدادت الحاجة إلى أساليب مختلفة في التخطيط، من بينها استشراف المستقبل، ذلك أن السعي إلى ضبط الخطط الاستراتيجية، في ظل فهم تقليدي للبيئة، يعتمد أساساً على التفكير بأن الظروف المحيطة ستتكرر عاماً بعد عام، وفي مختلف المجالات، سيقود في النتيجة إلى اتخاذ مسار أوحد للوصول إلى الهدف. في حين أن استشراف المستقبل، يتجاوز ذلك إلى النظر بعمق إلى البيئة المحيطة، وما يمكن أن يطالها من تغيرات، وما تحمله من ظروف تعثر أو فرص نجاحات، وما يمكن تصوره من الاحتمالات المستقبلية بناءً على أحداث مشابهة أو توقعات، مما يولد القدرة الفاعلة على مواكبة التطورات. فقد يتطلب أحد السيناريوهات مثلاً، والذي تم رسمه مسبقاً، استعدادا تقنياً، أو تدريبًا استباقياً…الخ.

 

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments