وجبة إبداع وابتكار (14) | الاستشراف بالسيناريو (3) | د. أنيس رزوق

وجبة إبداع وابتكار (14) | الاستشراف بالسيناريو (3) | د. أنيس رزوق

2019-11-15 3:20 ص
الكاتب :

وجبة إبداع وابتكار (14) | الاستشراف بالسيناريو (3) |

 

بهذه المقالة نكون قد أنهينا القسم الأول من الاستشراف بالسيناريو والذي تضمن نبذة تاريخية عن تقنية السيناريو وتعريفه ومفهومه وأهميته، كما تطرقنا لأهدافه المستقبلية، وفي هذه المقالة سوف نتطرق لخصائص السيناريو وأنواعه وصفاته، والركائز الأساسية لضمان نجاح التخطيط المستقبلي باستخدام السيناريو، وعملية تخطيط السيناريو المستقبلي، لنتوجه لاتمام القسم الثاني في المقالة القادمة حسب ما تم التنويه عنه سابقاً.

 

سادساً: خصائص السيناريو المستقبلي

 

توجد عدة خصائص تميز السيناريوهات عن غيرها من أساليب الدراسة العلمية للمستقبل، والتي تتمثل في:

 

1. الاحتمالية: يعتبر السيناريو نهجاً احتمالياً بطبيعته حيث لا يوجد مسار مستقبلي وحيد بل هناك عدة مسارات مشروطة بظروف وقوى محلية وعالمية، والملاحظ أن لكل سيناريو فرضيات تختلف عن فرضيات غيره من السيناريوهات، لذلك فالمجال مفتوح لمناقشة تلك الفرضيات وبالتالي تعتبر السيناريوهات قضايا ترجيح واحتمال أكثر من كونها سلسلة من الحتميات.

 

2. التعددية: يقصد بها تعدد السيناريوهات في الدراسة المستقبلية بسبب ما يحيط بالمستقبل من غموض واحتمالات وكذا غياب اليقين، كذلك بسبب الصعوبات والتعقيدات التي تكتنف محاولة استطلاع المستقبل وما يصاحبها من طرق مختلفة في التعامل معها، مما يؤدي إلى تنوع المسارات المستقبلية.

 

يعد” السيناريو مفهوم غامض ويساء استخدامه أحياناً، وكثيراً يستخدم مصطلح سيناريو لوصف المسار المستقبلي للأحداث المتعلقة بمتغير واحد، أما الخصائص التي يتصف بها السيناريو ليخرج بصورة متكاملة وصحيحة:(1)

 

1. تتطلب كتابته إبداع وخيال فكري عميق.

 

2. يستند على منهج علمي دقيق وأحداث رئيسية واقعية للحصول على الحقائق.

 

3. يقوم على تحقيق أهداف وطنية أو سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو الوصول إلى أقرب ما يمكن من هذا الاهداف.

 

4. عدد السيناريوهات يمكن أن يكون من (2-4) سيناريو.

 

5. تتم صياغته بسرية كبيرة في بيانات يستخدمها المتخصصين في المجالات المختلفة.

 

6. يعتمد على طاقم متنوع من العلماء والخبراء.

 

7. ضرورة أن ينتج عن خليط من وجهات نظر مختلفة.

 

8. يعكس الجوانب الكيفية والكمية من الاتجاه أو مجموعة من الاتجاهات.

 

9. السيناريوهات تختلف علن التوقعات كما أنها لا تحتاج إلى انفاق 100% من الجميع، ولكن يجب أن يكون تصور بناء على تحليل الاتجاهات، هذه الاتجاهات يمكن أن تكون الأسواق والسلوكيات والتقنيات أو القدرات.

 

سابعاً: أنواع السيناريو:

 

من خلال تحليل مفهوم السيناريوهات، يمكننا تصنيف السيناريوهات إلى:

 

سيناريوهات استطلاعية: تنطلق من الوضع الراهن لتضع عدة احتمالات وبدائل للمستقبل.

 

سيناريوهات استهدافية: تنطلق من تحديد هدف مستقبلي ثم العودة إلى الحاضر لتحديد المسارات التي من المحتمل التي تقودنا تجاه تحقيق هذا الهدف؛ لذلك يطلق عليها السيناريوهات العكسية، أو سيناريوهات العودة إلى الوراء.

 

ومن خلال تحديد نوع السيناريو المستخدم والهدف منه؛ يتم في ضوء ذلك تحديد عدد السيناريوهات الواجب صياغتها، ففي السيناريوهات الاستطلاعية يحدد البعض خمسة سيناريوهات متوقعة لكل منظمة أو مجتمع ككل، وهي:

 

1. السيناريو الخالي من المفاجآت وهو يتسم بالاستمرارية، يفترض هذا السيناريو أن الأحداث ستستمر كما هي عليها الآن.

 

2. السيناريو التفاؤلي: يفترض أن الأحداث ستتحسن كثيراً عما كانت عليه في الماضي.

 

3. السيناريو التشاؤمي: يفترض أن شيىء ما سيصبح أسوأ بكثير مما كانت عليه في الماضي.

 

4. سيناريو الكارثة: يفترض أن الأحدث ستسوء بشكل مرعب، والوضع سوف ينهار.

 

5. سيناريو الثورة أو الراديكالي أو الانقلاب أو المعجزة وهو يفترض أن أشياء مدهشة سوف تحدث لم نكن نحلم بها.

 

ويحدد البعض ثلاث سيناريوهات احتمالية للسيناريوهات الاستطلاعية: (2)

 

1. سيناريو مرجعي: يعبر عن الوضع الأكثر احتمالًا لتطور الظاهرة محل الدراسة.

 

2. سيناريو متفائل: يعبر عن الأمل في مسار تطور الظاهرة.

 

3. سيناريو متشائم: يعبر عن حالة عدم توافق الظروف، والاتجاه بالحال إلى كارثة أو موقف صعب.

 

إذا أردنا أن نتجه إلى سيناريو مرغوب ومثالي، هنا يكون سيناريو معياري (سيناريو استهدافي، أو سيناريو إلى الوراء)، فإننا نحدد الهدف المستقبلي المرغوب، ثم نعود إلى الوضع الراهن لتحديد المسارات الممكنة التي تقود إلى تحقيق هذا الهدف أو هذه الصورة المثالية.

 

ثامناً: الركائز الأساسية لضمان نجاح التخطيط المستقبلي باستخدام السيناريو: (3)

 

1. أن يكون شاملاً ويراعي كل المتغيرات المحتملة مستقلاً وينفذ على مراحل في فترات زمنية محدد.

 

2. أن تتبناه وتتولى تنفيذه قيادة واعية تتوافر لها الإمكانيات والطاقات ولديها القدرة على تذليل الصعاب، والمرونة في تقويم التخطيط طبقاً للمتغيرات من دون أن تحيد عن الهدف الرئيسي.

 

3. أن يكون المنفذون على دراية كاملة بأهداف الخطة ومراحلها، وعلى اقتناع كامل بها، ويمتازون بملكة الابداع في وضع السيناريوهات.

 

4. أن يكون هناك تأييد للخطة واقتناع كامل بضرورة تنفيذها لما ستعود به على المؤسسة عند اكتمال تحقيق أهدافها.

 

5. أن تكون سيناريوهات الخطة مرنة، وقابلة للتقويم عند حدوث متغيرات حادة وبما يسمح بالوصول إلى الهدف في النهاية.

 

تاسعاً: صفات السيناريو الجيد:

 

السيناريو عبارة عن عملية افتراضية وخطوات عريضة لما حدث وسيحدث، كما أنه يعبر عن أطوار متعددة وعن تصور كلي شامل، والكثير من المتخصصين وغير المتخصصين يمكنهم وضع سيناريوهات عديدة، ولكن القليل هم من يستطيعون صياغة سيناريوهات جيدة وتتوافر فيها المواصفات الواجبة للسيناريوهات الجيدة التي من بينها ما يلي: (4)

 

1. تنوع خيارات المستقبل.

 

2. أن لايكون معقداً وخيالياً ويصعب كشف نتائجه.

 

3. أن يكون واقعياً بالنسبة إلى الظرف المستقبلي، أي أن تكون أحداثه محتملة الوقوع فعلاً.

 

4. ومثلما يحدث في القصص، على واضع السيناريو أن يرسم البداية والعقدة والنهاية ومعرفة مواطن الضعف والقوة.

 

5. اعتماد المنطق الاستقرائي في حساب الاحتمالات واعتماد دراسة الجدوى كأهم عناصر السيناريو، والأول يأخذ بالحسبان تسلسل الأحداث من زاوية الفكر والانسجام أما الثاني فيكون لقياس حجم النجاح أو الأفضل أو التطبيق.

 

6. اعتماد المناهج المختلفة بحسب تنوع حجم المشكلة، وهي المنهج التحليلي، والنقدي، الاستقرائي، الافتراضي والتنبؤي والتأويلي مع العديد من المناهج الأخرى المقاربة للعمل.

 

7. الاعتماد علة التقنيات والعلوم الحديثة للمساعدة في رسم السيناريو منها الاجتماع وعلم النفس والانثروبولوجي والفلسفة والبيئة والقانون والسياسة والاقتصاد وتبني قاعدة البيانات الخاصة بتلك العلوم.

 

8. القدرة على اكتشاف النتائج والآثار المحتملة للخيارات المستقبلية بأقل قدر من الاختلافات وعدم التأكد، بما يحقق لمتخذ القرار الاستراتيجي أكبر درجة من الثقة بتلك الخيارات، ودراسة العواقب المحتملة لعدم التأكد.

 

9. الوضوح والتميز بين بعضها البعض، لتوسيع نطاق الفرص والخيارات المتاحة.

 

10. التناسق الداخلي بين مكونات السيناريو الواحد.

 

11. الواقعية والمنطقية، بحيث لا يكون السيناريو معتمدًا على مجموعة من التصورات الخيالية.

 

12. القدرة على تحديد النقاط الحرجة بالمسار لكل سيناريو، مع توقع المواضع المأساوية التي قد يتطلب عندها تغيير المسار المتخذ.

 

13. الموضوعية بقدر الإمكان بحيث يقل الاعتماد على التصورات الشخصية، بحيث يتضمن السيناريو أكبر قدر ممكن من البيانات الدالة على موضوعية صياغة السيناريو وعدم اعتماد التوقع الشخصي فقط عند صياغة السيناريوهات الموضوعية على وجه الخصوص.

 

عاشراً: عملية تخطيط السيناريو المستقبلي:

 

يتطلب منهج السيناريو من كاتب السيناريو أن يفكر في ما يحتمل وما يمكن حدوثه، ولما لا يمكن حدوثه، بحيث يضع خطوطاً عريضة للتغير في أدة أبعاد، ومن ثم يجري تحليلاً جزئياً للأبعاد المحددة كمياً باستخدام تحليل الاتجاهات والسلاسل الزمنية، واستخدام التحليل التقاطعي للكشف عن العلاقة المتوقعة بين الأبعاد السابقة، ويعد الانتهاء من المرحلتين السابقتين من التحليل تأتي مرحلة كتابة السيناريو، ويمكن القول أن عملية اختيار أبعاد ومجالات ومتغيرات السيناريو تتوقف على طبيعة عقل المخطط وطبيعة البيئة والاتجاهات الفكرية السائدة. (5)

 

تمر عملية تخطيط السيناريو بعدة مراحل: (6)

 

1. تحديد السؤال البؤري: تحديد مجال العمل أو قضية مثل قرار أو السؤال الذي يعتبر أمر بالغ الأهمية لمستقبل المؤسسة، فإن بؤر مفيدة في كثير من الاحيان تظهر التحديات الرئيسية.

 

2. المسح البيئي الداخلي والخارجي.

 

3. اختيار دوافع التغيير والتصنيف.

 

4. بناء مصفوفة السيناريو.

 

5. تطوير سيناريوهات.

 

6. تقديم سيناريوهات.

 

7. النظر إلى الآثار الاستراتيجية.

 

التخطيط بالسيناريو يمكن أن يعزز إلى حد كبير قدرة المنظمة على التعامل مع مشاكل متنوعة قد تعترضها، وتوجه قراراتها بشكل منهجي، وكيفية التعامل معها بشكل منطقي، وكثير منها قد تصبح أكثر صعوبة عندما يصبح المناخ أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فعندما يكون لدينا كل المعرفة عن الماضي، وقراراتنا موجه حول المستقبل، ونسعى لرسم مستقبلنا من خلال ما نفعله وما لا نفعله، فمن المنطقي أن نبذل ما في وسعنا لمحاولة فهم ما قد يكون المستقبل قبل أن نتصرف، من خلال رسم سيناريوهات تضعنا في الزمن المستقبلي لنتواكب معه، ونغير نهج تفكيرنا في القرارات وآثارها.

 

استبصار، استشراف، تخطيط استراتيجي، تميز، جودة، إبداع، ابتكار، مسؤولية مجتمعية، تميز مؤسسي، معرفة، جودة التميز، منظمات متعلمة.

 

د. أنيس رزوق

 

المراجع:

 

1. http://www.slideshare.net/sbrnyak/2012-mongolia-scenarios |Accessed on 1-8-2014

 

2. إبراهيم العيسوي (1998): السيناريوهات، بحث في مفهوم السيناريوهات وطرق بنائها في مشروع 2020، العدد (1)، منتدى العالم الثالث، مكتبة الشرق الأوسط، ص 17.

 

3. زهير الأسدي، كتابــات، نحــو دارســات مســتقبلية ســلامية، بحــف فــي علــوم المســتقبل , الحلقــة الثالثة، التخطيط، 2015

 

4. (www.ta9weer.com/vb/archive/index.php/t)

 

5. ادوارد كورنيش الاستشراف، مناهج استكشاف المستقبل.

 

6. An Introduction to Scenario Planning, Published in: Business, News & Politics, Melbourne, Australia, 28 September 2003

 

المصدر

5 1 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
هيا

يعطيك العافية دكتور
ممكن نعرف الفرق بين systematic-formalized scenario techniques و intuitive-creative scenario techniques