قراءة في كتاب استشراف أوضاع الوطن العربي عام 2025
هذا الكتاب “استشراف أوضاع الوطن العربي عام 2025 محاولة علمية جادة لقراءة صورة الوطن العربي عام 2025. هل ثمة تقدم أم تراجع على كافة المستويات؟ الكتاب من خلال نخبة من المفكرين والباحثين “يقدم الواقع في إطار إدراك بُعده الإنساني”.
يرصد مستقبله في ضوء التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه. ومن أهم هذه التحديات النزاعات الطائفية والمذهبية التي تقف عقبة في وجه الهوية الوطنية والانتماء القومي. المتحدثون أجمعوا على أن غياب الديمقراطية هو السبب في تخلف الوطن العربي.
في حديثه عن الديمقراطية يقول أ.د. جواد الحمد مدير عام مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن من العام 1991: ثمة أربعة سيناريوهات للمرحلة القادمة:
- نجاح التحول الديمقراطي.
- فشل عمليات التحول الديمقراطي.
- النجاح الجزئي للتحول الديمقراطي.
- الانفراج النسبي في الحريات العامة وحقوق الانسان. (المرجع السابق ص 67)
وكما أرى فإن هذا النجاح الديمقراطي أو فشله مرهون بمدى مصداقية النُخب العربية الحاكمة، فإن صدقت مستجيبة لمطالب شعوبها فإن النجاح مضمون، أما إن تخاذلت تحت ضغوط الخارج فإن الفشل هو الذي سيظل سائداً.
أما د. صباح الياسين مدير مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت (سابقاً) فيقول: “إن محور استشراف أوضاع الأمة العربية من محور الحالة السياسية القائمة في الوطن العربي يمر من خلال نفق طويل ومتعرج من الآمال والخيبات معاً. (المرجع السابق ص 57)
وهنا أقول إن “الخيبات” هي الطاغية اليوم على الآمال.
أما الدكتورة هناء الصديق القلال الأستاذة الليبية الجامعية والوزيرة السابقة في ليبيا، فتقول: “إن الفيصل الحاسم المتوقع خلال السنوات القادمة هو قرار حول إما احترام حقوق الانسان وحق المواطنة أو الاخذ بردات الفعل النمطية التي قد تؤدي إلى النزاعات الأهلية”. (المرجع السابق ص 52)
الدكتورة هناء تحذر من التدخل الأجنبي الذي يشجع الصراعات والأزمات الأهلية”.
وحول هذا الموضوع يشير أ. د. عبد القادر الطائي إلى “أن الإقليم العربي عرضة للتقسيم جيو-سياساً إلى ثلاث دوائر يسهم كل منها في تفكيك الدولة. الدائرة الأولى لها خصوصية طائفية. أما الدائرة الثانية فلها خصوصية عرقية. أما الدائرة الثالثة متلونة بصيغة قبلية عشائرية”. (المرجع السابق ص 44)
وتجنباً لحدوث هذا التقسيم يدعو هذا الباحث إلى “اتباع نموذج نهضوي تنصهر فيه قيم الحداثة والأصالة معاً”. ويبقى هذا “رهين الإرادة الشعبية وقيادتها السياسية”. (المرجع السابق ص 48)
أما الأكاديمي والوزير الأردني السابق الراحل أ.د. نبيل الشريف فيشير إلى “تلاشي الأحلام في الشرق الأوسط من اقتراب العالم العربي من نقطة التحول الديمقراطي”. (المرجع السابق ص 37)
وفي تصوري فهو مصيب في ضوء التشرذم العربي أمام الامبريالية والصهيونية.
أما الوزير الأردني السابق م. سمير الحباشنة فيشير إلى ملاحظة هامة وهي “غياب الطرح المحلي” للقضايا العربية! وبمفرداته: “لا يوجد توظيف دقيق لقاعدة “أهل مكة أدرى بشعابها”. (المرجع السابق ص 31)
باختصار نحن كعرب – وأعني النظم الحاكمة في غالبيتها – نؤمر فنأتمر!
أما أمين عام منتدى الفكر العربي والوزير السابق د. محمد أبو حمور فقد أشار إلى إشكالية قائمة في النظام الإقليمي العربي تدفع به إلى “العسكرة”. “العسكرة” باتت عقبة في وجه أي تقدم نحو الديمقراطية.
ينتقد د. محمد أبو حمور “الحدود الثقافية والأطر الاجتماعية السائدة التي ترسم ثقافة المجتمع”، فهو يعتبرها “عوائق ديمقراطية”. (المرجع السابق ص 10)
“لا شك بأن تدهور الأوضاع في الوطن العربي يعود أساساً إلى عوامل داخلية”. (المرجع السابق ص 12)
من هنا نراه يقول: “إن عملية التغيير والإصلاح المنشود تحتاج إلى سقف زمني يقدره الخبراء بقرابة 5-7 سنوات على الأقل وأحياناً من عشر إلى خمسة عشر في ظل الأزمات في سوريا أو العراق أو ليبيا..، دون أن ننسى مشكلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني“.
في الختام، هل أقول أن حلم الاستقرار العربي ما زال بعيداً!
يوسف عبدالله محمود