الدراسات المستقبلية - علم المستقبل

الدراسات المستقبلية – علم المستقبل

2019-09-06 7:00 ص

الدراسات المستقبلية – علم المستقبل

 

أخذت المعرفة الإنسانية بالنمو والتنوع مع مرور السنين والتقدم في العلم والتطور التكنولوجي، وازدياد الحاجات البشرية وحاجات التطور الصناعي وغيره. وأخذت النظرة المستقبلية للدول والشركات والأفراد تأخذ منحى أكثر دقة وتفصيلا لما لها من أهمية للتحرك نحو تحقيق الاستراتيجيات والأهداف المستقبلية.

 

بداية ظهور الدراسات المستقبلية

 

هناك تباين بين مؤرخي المستقبليات في عملية الرجوع إلى زمن بداية مفهوم دراسة المستقبليات أو علم المستقبل، ومن بدأها أو أشار لها، وبشكل عام منهم من ردها إلى المفكر الفرنسي كوندوسية في كتابه “مخطط لصورة تاريخية لتقدم العقل البشري” الذي نشر عام ١٧٩٣ الذي استخدم فيه منهجين في التنبؤ، الأول التنبؤ الاستقرائي، والثاني التنبؤ الشرطي. ومنهم من أسند بدايتها إلى عام ١٩٠٢ حيث ذكر علم المستقبل في محاضرة ألقاها أشهر كتاب روايات الخيال العلمي هربرت جورج ويلز، وهناك من يرد مصطلح “علم المستقبل” إلى أوسيب فلختهايم في عام ١٩٤٣، وقد استخدم المصطلح مرة أخرى في عام ١٩٦٥ في كتابه “التاريخ وعلم المستقبل“.

 

هل الدراسات المستقبلية علم أم ماذا؟

 

اختلف الباحثون والمهتمون بدراسات المستقبل، وهذا الاختلاف أخرج لنا ثلاثة آراء حول ماهيتها، وهي كما يلي:

 

١- الدراسات المستقبلية علم: خرج كثير من المهتمين في المستقبليات إلى اعتبار الدراسات المسقبلية علماً كونها تتعلق بعلوم عدة، حيث اعتبرها أوسيب فلختهايم فرعاً من فروع علم الاجتماع، فهذا العلم يبحث عن منطق المستقبل بالطريقة نفسها التي يبحث فيها علم التأريخ عن منطق الماضي.

 

٢- الدراسات المستقبلية فن: وخرج فريق آخر يقول بأنها فن من الفنون ولا يمكن أن تكون علماً كما أكد ذلك برتراند دي جوفينال في كتابه “فن التكهن” الصادر عام ١٩٦٧ لكونها تتصور وتتخيل المستقبل الذي هو ليس معلوما، وغير معروف وغير محدد، فالمستقبل لا يمكن أن يكون يقيناً بل هو عالم من الاحتمالات، فالخيال ضروري في الدراسات المستقبلية لاستنباط المتغيرات التي لا تقبل القياس، كما الأفكار الجنونية مهمة لها، حيث قال بريجوجين: “لا نستطيع التكهن بالمستقبل، ولكننا نستطيع صناعته”.

 

٣- الدراسات المستقبلية بين العلم والفن (الدراسات البينية): وخرج آخرون يرون أنها علم جديد مزيج بين العلم والفن، لكونها تستند على نظريات ومناهج علمية كما أنها تصله بالفكر الإنساني والخيال والتصور الإنساني للمستقبل. فهي فرع جديد ناتج عن حدوث تفاعل بين تخصص أو أكثر، كما ترى أنها نتاج للتفاعل بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، فهي ليست علماً وإنما تبني رؤاها على العلوم المختلفة، فهي مجال معرفي بيني متداخل وعابر للتخصصات وتقنياته من كل المعارف والمناهج العلمية.

 

وقد اعتبرت الجمعية الدولية للدراسات المستقبلية أن الدراسة العلمية للمستقبل هي مجال معرفي أوسع من العلم.

 

فوائد دراسة المستقبل

 

هناك فوائد عديدة تستفاد من دراسة المستقبليات منها:

 

١- أنها تساعد على التخفيف من الأزمات عن طريق التنبؤ بالأزمات قبل الوقوع فيها.

٢- ترسم خريطة كلية للمستقبل من خلال استقراء الاتجاهات عبر الأجيال والاتجاهات المحتمل ظهورها في المستقبل.

٣- بلورة الخيارات والاحتمالات الممكنة والمتاحة.

٤- مدخلاً مهماً لتطوير التخطيط الاستراتيجي المعتمد على الصور المستقبلية.

٥- الاستشراف المستقبلي لمعرفة التحديات والفرص.

٦- ترشيد عمليات صنع القرار من خلال توفير مرجعيات مستقبلية لصانع القرار.

٧- زيادة المشاركة في صنع المستقبل وصياغة سيناريوهاته والتخطيط له.

 

وأخيراً نقول بأن دراسات المستقبل ليست ترفاً معرفياً وإنما ضرورة حتمية تفرضها المتغيرات التكنولوجية والأوضاع الاقتصادية والتغيرات المناخية والظروف الأخرى، فمن خلالها نخرج من إطار العجز أن المستقبل مجهول وبالتالي ليس بيدنا شيء نفعله، إلى أننا نملك الاختيار فنستطيع تشكيل مستقبلنا وفق ما نريد بإذن الله، ولعلنا ندرك عمق مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما قال: “نحن لا ننتظر المستقبل، بل نصنعه”.

 

تذكر عزيزي القارئ أنه “عندما يصبح ماضيك مستقبل غيرك، فاعلم أنك في المقدمة.

 

المصدر

5 2 votes
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments