تكنولوجيا الروبوتات تغير جذريا مستقبل الزراعة في العالم

تكنولوجيا الروبوتات تغير جذريا مستقبل الزراعة في العالم

2022-07-17 9:59 م

تكنولوجيا الروبوتات تغير جذريا مستقبل الزراعة في العالم

الروبوتات المتطورة تحدث ثورة في المجال الزراعي

واشنطن -يتحرك جيش من الروبوتات في أرجاء الريف الأميركي مبشرا بطفرة في مستقبل إنتاج الغذاء في المستقبل. وفي منطقة الغرب الأوسط الأميركي ودلتا نهر مسيسبي تباشر 25 ماكينة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي عملها في حقول زرعت حديثا، حيث تجتث الحشائش الضارة من الأرض الزراعية بمعدل 12 ميلا في الساعة.

 

وللوهلة الأولى تبدو هذه الماكينات الروبوتية التي تنتجها شركة “جون دير” الأميركية للميكنة الزراعية بعد أن ابتكرتها شركة ناشئة تحمل اسم “بلو ريفر تكنولوجي” كما لو كانت معدات زراعية تقليدية، ولكن في واقع الأمر تم تجهيز كل ماكينة من هذه الماكينات بـ36 كاميرا وعدد كبير من الأنابيب الدقيقة. وتستخدم هذه الماكينات برنامج رؤية حاسوبية للتمييز بين المحاصيل والأعشاب الضارة، قبل أن توجه فوهات دقيقة لنفث المبيدات مثل الطلقات صوب الحشائش الضارة، لتضع بذلك نهاية لأسلوب رش المبيدات الكيميائية على ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية للوقاية من الآفات.

 

وأكدت أماندا ليتل، أستاذة الصحافة العلمية في جامعة فاندبريلت بولاية تينيسي الأميركية، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن الماكينات الروبوتية التي يطلق عليها اسم “روبوتات الرصد والرش النهائي” باهظة الثمن وطريقة تركيبها معقدة وليست متاحة في الوقت الحالي سوى للمزارعين الذين يعملون على مستوى الصناعات الزراعية، ولكن تأثيرها على البيئة وصحة الإنسان سيكون رائعا في غضون سنوات قليلة.

 

وأضافت ليتل أن “هذه الماكينات هي طليعة موجة جديدة من الميكنة الزراعية التي سوف تساعد في إنتاج المزيد من الغذاء على مساحات زراعية أقل مع الحد بشكل جذري من استخدام المواد الكيميائية. وتستطيع الماكينات الزراعية الذكية التعامل مع النباتات على أساس فردي عن طريق رشها بالمبيدات الحشرية ومبيدات الحشائش الضارة بل وبالأسمدة ومبيدات الفطريات، وستساعد هذه النوعية من الدقة المتناهية في التقليل من استخدام المواد الكيميائية الزراعية وستسمح بتنويع المحاصيل على الرقعة الزراعية الواحدة”.

 

ونجحت الماكينات الزراعية الروبوتية بالفعل في تحسين إنتاجية الأرض الزراعية بنسبة 2 في المئة فضلا عن قدرتها على تقليل مجهود العمل أثناء الزراعة وحل مشكلة نقص العمالة، وإن كان تواجد هذه الروبوتات يثير مخاوف كثيرة مثل التكلفة الإضافية وتعقد نظم الميكنة الزراعية الذي سيجعل المزارعين يعتمدون بشكل متزايد على شركات كبيرة مثل شركة جون دير.

 

وترى ليتل أنه مع هبوب رياح الذكاء الاصطناعي على مجال الميكنة الزراعية، لا بد أن تفكر إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن والمستثمرون في كيفية تطوير هذه السوق بشكل جدّي، حيث يتعين توجيه التمويل نحو تطوير ماكينات ذكية أصغر حجما وأرخص سعرا مع دعم قطاع الاقتصاد التأجيري الذي يتيح للمزارعين المحليين استئجار هذه الماكينات طالما أنه ليس في مقدورهم شراؤها وامتلاكها. كما يتوجب على وزارة الزراعة الأميركية وضع برامج لمساعدة المزارعين على الاستعانة بالماكينات الجديدة بدلا من الماكينات الزراعية القديمة.

 

وتندرج ماكينة “الرصد والرش النهائي” ضمن سبع معدات تطورها شركة جون دير، من بينها معدات للبذر الآلي وجرارات ذاتية القيادة وماكينات حصد القمح، وتعمل جميع هذه الماكينات بالعشرات من الكاميرات والمعادلات الخوارزمية الخاصة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، من أجل تحليل البيانات والقياسات التي تجمعها وتطبيق الأنظمة التي تتناسب مع كل محصول وطبيعة الأراضي الزراعية.

 

ونقلت أماندا ليتل عن يورج هيرود، نائب رئيس الشركة والمتخصص في مجال القيادة الذاتية للماكينات، قوله “إننا نكثف جهودنا ونضاعف استثماراتنا بواقع ثلاثة أمثال فيما يتعلق بالصناعات الروبوتية والتعلم الاصطناعي”. وقد ساعد هيرود بالفعل في زيادة عدد العاملين ضمن فريق تقنيات الذكاء الاصطناعي بالشركة من 50 فردا إلى 400 فرد.

 

وردا على سؤال عما إذا كان سيتم استخدام هذه الميكنة الجديدة على نطاق واسع، قالت الشركة “إن الطلب عليها يزيد بالفعل عما هو متوفر منها”، وقد قرر هيرود أن يطرح 25 في المئة  فقط من الأسطول المتاح بالفعل من هذه الماكينات لأنه ما زالت هناك حاجة إلى تحسين نموذج التمويل والخدمات الخاصة بهذا المشروع.

 

ووضعت شركة جون دير منظومة للتسعير لم تكشف عنها حتى الآن، وإن كانت لا تقل عن سعر ماكينة الرش التقليدية من نفس الحجم وهو 500 ألف دولار، علاوة على رسوم الاستخدام حسب المساحة بالفدان، ويمكن احتسابها بشكل شهري أو سنوي وتشمل تكلفة الصيانة وبرمجيات التحديث. ويهدف هيرود إلى زيادة أسطول الشركة من الماكينات الزراعية بواقع عشرة أمثال سنويا بحيث تستطيع الشركة أن تطرح آلاف الماكينات الزراعية الروبوتية في الأسواق بحلول عام 2025.

 

وترى ليتل أن المخاوف من أن يجعل الذكاء الاصطناعي المزارعين أكثر تكاسلا أو أقل تحملا للمسؤولية فيما يتعلق بأنشطة الزراعة، لا أساس لها من الصحة لأن هذه النوعية من الميكنة الزراعية المتطورة تهدف في الأساس إلى تحسين جودة الأرض الزراعية ونوعية الغذاء عن طريق الحد من استخدام المواد الضارة.

 

وأضافت أن “عصر الذكاء الاصطناعي الزراعي قد أتى، وإذا قام المسؤولون الحكوميون والمستثمرون بأدوارهم في دعم هذا التطور المسؤول واعتماد هذه التقنيات الحديثة فإن النتيجة لن تكون أقل من نقلة نوعية نحو الزراعة المستدامة تشمل مختلف نواحي عملية إنتاج الغذاء بشكل يسمح بإطعام عالم أكثر حرارة (في ظل تغير المناخ) وأكثر اكتظاظا بالسكان”.

 

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments