أبـو بكــر سليمـان
من منا يتذكر تلك الشائعة عن سقوط الطائرات من السماء أول أيام العام 2000 ميلادي بسبب تردد الأقوال عن عطب في نظام التاريخ في التحول من القرن العشرين 1999 الى القرن الواحد العشرين 2000 مما سيسبب عطب في أنظمة تشغيل الحواسب أو ما كان يدعى وقتها بمشكلة Y2K.
وان كانت هذه المشكلة قد تم التعاطي معها بصورة أقل قلقاً من تلك التي كنا فيها بسبب قلة الوعي التكنولوجي أيامها، الا أننا اليوم بصدد مشكلة حقيقة بالفعل ستعيد الى ذاكرتك كل ما كنت تسمعه عن مشكلة العام 2000، ولكنها هذه المرة في العام 2038! اذن ما القصة؟
الوقت و التاريخ، صداع مزمن في كل رأس كل نظام، ومشاكل بالجملة قد تصادفك في تخزينها و ترتيبها و عرضها. المبرمجون المحترفون يستعدون لهذه المشاكل بعدد من الحلول الجاهزة، التي كان أدقها وأبسطها هو اعتماد ما يدعى بالـ Epoch، وهو نظام تسجيل الوقت على هيئة عدد الثوان المنقضية من تاريخ 1 يناير 1970 حتى التاريخ الحالي او المراد، وبهذه اللعبة البسيطة يمكنك التحكم في ارقام بدلاً من التواريخ و صيغها المختلفة المعقدة، ومن هنا ظهرت مكتبات كثيرة في معظم لغات البرمجة للتحكم في هذا النظام الرقمي للتواريخ والتحويل من عدد الثواني الى تاريخ او العكس والعديد من العمليات الأخرى. إذن أين المشكلة؟
المشكلة هي في نظام التخزين للأرقام الصحيحة Integers على هيئة 32-bit. هذا النظام يعتمد على 32 خانة في تخزين الرقم الصحيح (وبالطبع التخزين في الحاسب عبارة عن اما 0 أو 1 في الخانة الواحدة)، ولكنه بالفعل يستخدم 31 خانة فقط في التخزين، و يترك اول خانة للدلالة على اشارة الرقم (سالب أو موجب). فالصفر في اول خانة تدل على ان الرقم موجب، والواحد يدل على ان الرقم سالب.
وهنا تظهر المشكلة. ففي الساعة 03:14:07 من اليوم 19 يناير 2038 ستكون الـ31 خانة للأرقام قد امتلئت بالقيمة 1 بالفعل، لتكون الثانية التالية (03:14:08) هي نقطة تحول حيث تتحول اول خانة (الخاصة بالاشارة) من الصفر الى الواحد، اي ان الرقم سيتحول بالكامل للسالب. وماذا يعني هذا؟
يعني انه حين كانت الاشارة موجبة، كنا نعتبر هذا النظام هو عدد الثواني المنقضية من 1 يناير 1970 الى المستقبل، ولكن مع ظهور الاشارة السالبة، فهذا يعني الثواني المنقضية من 1 يناير 1970 الى الماضي، اي اننا سنتحول بالفعل من التاريخ
19 يناير 2038 03:14:07 الى 13 ديسمبر 1901 20:45:52
في هذه الصورة المتحركة المقدمة من ويكيبديا, محاكاة ما سيحدث وقتها من التحول الدراماتيكي للأحداث.
إذن ما الحل؟
اللهم أطل في عمرك حتى تكون بكامل وعيك وقتها، لكن لا تتوقع ان ترى أن يقف العالم مستسلماً؛ فبالتأكيد سبيدع حلولا جذرية لهذه المشكلة، وخاصة ان هناك بالفعل حلولا في الواقع للتعاطي مع هذه المشكلة، نذكر منها أشهر اثنين:
– اعتماد أنطمة X64 بدلاً من الـ X32 الأقدم.
- الكف عن استخدام هذا النظام الرقمي ببساطة.
يتحدث هذا الموقع الجميل عن كل شئ باستفاضة عن المشكلة، وسينبهك بالفعل عن خطورة هذه المشكلة وخصوصاً في الطائرات والمواصلات وأنظمة الدفاع و الأمان، لأنها ببساطة تعتمد على أنظمة Embedded Systems والتي تغلب عليها التركيب البنائي القديم نسبياً والذي يحتاج لتغيير جذري لا تحديث.
و اخيراً، لا تقلق، فمعظم المنظرين والمثقفين والعوام يتوقعون نهاية العالم قبل هذا التاريخ 😀