الطريق إلى كازاخستان 2050 (1)

2019-07-19 7:00 ص

الطريق إلى كازاخستان 2050 (1)

 

الطريق إلى كازاخستان 2050 (1)

 

أحمد عبده طرابيك*

الطريق إلى كازاخستان 2050 (1)

 

يعتبر التخطيط للمستقبل أهم ما يميز الشعوب المتقدمة، فالأمم والدول الطامحة لبناء دولة حضارية متقدمة تضع تصوراتها وإمكانياتها وأهدافها علي هيئة خطط طويلة المدي وتسخر كل امكانياتها وطاقاتها المادية والبشرية ومواردها الطبيعية وعلاقاتها الإقليمية والدولية من أجل تحقيق أهدافها الطموحة التي تكفل للأجيال القادمة حياة كريمة مزدهرة، في دولة ديمقراطية عصرية.

 

جمهورية كازاخستان التي نالت استقلالها عن اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية في السابع عشر من ديسمبر 1991، استطاعت أن تحقق طفرة كبيرة نحو بناء دولة متقدمة خلال عمرها القصير بعد الاستقلال، ففي عام 2013 قفزت قيادة تلك الدولة بأفكارها وطموحاتها إلي وضع بلادهم ضمن الثلاثين دولة الأكثر تقدما في العالم، من خلال وضع خطة تعرف باسم ”استراتيجية كازاخستان 2050“، رئيس جمهورية كازاخستان “نور سلطان نزار باييف” وجه رسالة في السابع عشر من يناير 2014 إلي أبناء وطنه، تتضمن الخطوط العريضة وكثيراً من التفاصيل حول “استراتيجية كازاخستان 2050 “، وأشار إلى إعلانه العام الماضي عن برنامج جديد للتنمية السياسية حتى عام 2050. حيث كان الهدف الرئيسي من هذا البرنامج – أن تدخل كازاخستان ضمن الثلاثين دولة الأكثر تقدما في العالم. إنه مشروع “كازاخستان الخالدة” مكتملة النمو لكي تكون صفحة جديدة في تاريخ البلاد – كما وصفة الرئيس “نزار باييف”، وقد أنجزت الدولة الكازاخية مهام كثيرة على مدى سنوات الاستقلال الماضية. فقد تم استحداث نموذجا فريدا خاص في التنمية والتطوير حتى أصبح كل مواطن بداخله شعورا لا حدود له بالفخر بوطنه. وبدأ الكازاخستانيون بالنظر بثقة إلى المستقبل. الأمر الذي أدي إلى أن يعيش اليوم 97 % من المواطنين حالة من الاستقرار في أوضاعهم الاجتماعية ويشعرون بتحسن مطرد في مستوي معيشتهم.

 

لقد أصبحت إنجازات كازاخستان موضع فخر واعتزاز لكل مواطن. فالدول القوية فقط هي التي تعمل على أساس تخطيط طويل الأجل وتضمن نموا اقتصاديا مستقرا. ولذا يجب النظر إلى إستراتيجيةكازاخستان 2050 ” باعتبارها مسارا للتحديث الذي يشمل كل المجالات ويضمن النمو والازدهار. كما أن تنفيذ الإستراتيجية سيكون بمثابة اختبار كبير لإدارة الدولة ووحدتها وصلابتها وحب أبنائها للعمل. ولذلك فإن تنفيذ الإستراتيجية – واجب قومي ومهمة أساسية.

 

إن كازاخستان القرن الحادي والعشرين – تم إنشاء أسسها في عقدين من الزمان من ” الصفر ” بسواعد شعب متسامح موهوب ومحب للعمل، فتلك الدولة الوليدة التي يفخر بها أبناؤها، تمثل إبداعاً عظيماً يحبه الجميع بكل صدق.

 

لقد اعتمدت القيادة في كازاخستان إستراتيجية 2050 كي يُمسِك الكازاخ بقوة بيدهم دفة مستقبل البلاد. فاليوم تعمل العديد من الدول الناجحة مثل الصين، وماليزيا، وتركيا على أساس خطط طويلة الأجل، حيث أن التخطيط الاستراتيجي في القرن الحادي والعشرين يعتبر القاعدة الأولى في العالم. فلا يعقل أن تكون هناك أي رياح مواتية إذا لم تعرف الدولة مسارها وميناء وصولها. لذا كانت إستراتيجية 2050 كمنارة مرشدة تسمح لشعب كازاخستان بحل مشاكل الحياة اليومية دون إغفال الهدف الرئيسي. وهذا يعني أن تحسين جودة حياة السكان سيكون بشكل سنوي وليس كل 30 أو 50 عاما.

 

تضع الإستراتيجية برنامجا لأنشطة عملية محددة، يكون من شأنها يوما بعد يوم وسنة بعد سنة أن تحقق الأفضل للبلاد ولحياة شعب كازاخستان. وهذا لا يعني انتظار نزول المن والسلوى من السماء، بل وفقا لآليات السوق يجب العمل بكل جهد وفعالية. ومهمة الدولة هنا – هي تهيئة جميع الظروف الملائمة لذلك. وأن تحقيق مستقبل تستحقه كازاخستان ضمن الدول المتقدمة في العالم هو الهدف الذي يوحد كل الكازاخ إلى الأبد.

 

وعرض الرئيس ” نزار باييف ” خطة حكومته للدخول في مجموعة الثلاثين دولة الأكثر تقدما في العالم. حيث قامت الحكومة ببلورة مشروع مفصل لتحقيق هذا الهدف. والذي سيتم اعتماده بصفة نهائية بعد اكتماله وفقا لكثير من التوقعات، حيث ستكون السنوات ما بين عامي 2015 – 2017 المقبلة ” نافذة للإمكانات والفرص ” لاختراق واسع النطاق لكازاخستان في جميع المجالات. وخلال هذه الفترة سيتم المحافظة على المناخ الخارجي المناسب، والنمو في الطلب على الموارد والطاقة والغذاء، واستكمال الثورة الصناعية الثالثة أيضا.

 

ولتحقيق هذا الهدف بحلول عام 2050 سوف يتم التحرك في جو من المنافسة العالمية الصعبة. وستشهد العقود المقبلة العديد من التحديات، والكثير من الظروف والمواقف غير المتوقعة، وأزمات جديدة في الأسواق العالمية والسياسة الدولية. ورغم هذا تدرك القيادة أنها لن تكون ” نزهة سهلة ” في القرن الحادي والعشرين. فقد اقترب منتصف القرن وها هي الدول المتقدمة تحاول أن تتكيف معه باستراتيجيات محددة خاصة بها. أما الثلث الثاني من القرن الحادي والعشرين فسيكون أصعب بشكل واضح، وعدد المرشحين للانضمام إلى القائمة العالمية لأفضل 30 دولة – محدود للغاية. فمفهوم ” البلدان المتقدمة ” – مفهوم يتغير مع مرور الوقت. وهناك نوعيات جديدة من مستويات المعيشة تظهر في الدول المتقدمة.

 

تبرز مؤشرات قياس التقدم الأساسية لدى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي تضم 34 دولة تنتج أكثر من 60 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي. وما زالت الدول المرشحة للانضمام للمنظمة ستة دول هي “البرازيل، الصين، الهند، اندونيسيا، روسيا، جنوب أفريقيا”. ولقد سارت جميع الدول الأعضاء بالمنظمة على طريق التحديث العميق، ولديهم مؤشرات مرتفعة للاستثمارات، والبحث العلمي، وإنتاجية عالية للقوى العاملة، وتطوير الأعمال، بالإضافة إلى مستوى معيشي مرتفع للسكان. وقد أخذت كازاخستان مؤشرات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعين الاعتبار فيما يتعلق بالديناميكية طويلة المدى للمستقبل في تحديد لأهم المبادئ الاسترشادية في طريق وضع كازاخستان لنكون ضمن الثلاثين دولة المتقدمة في العالم.

 

لقد تم وضع خطة لإدخال بعض المبادئ والمعايير الخاصة بالمنظمة في كازاخستان. وتتلخص تلك المعايير في مشروع الهدف (المفهوم). ففي الاقتصاد يتم التخطيط لتحقيق نسبة نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي يتعدى 2 %. ولذلك فلا بد من تحقيق زيادة في حجم الاستثمارات من 18 % حاليا إلى 30 % من إجمالي الناتج المحلي. كما أن إدخال نموذج اقتصادي قائم على العلم يجب أن يسبقه زيادة نسبة المنتجات المصنعة (غير الخام) لتصل إلى 70 % من إمكانات كازاخستان التصديرية.

 

إن إيجاد قطاعات اقتصادية جديدة تعتمد على التكنولوجيا العالية يتطلب زيادة الاستثمار في المجال العلمي إلى مستوى لا يقل عن 3 % من إجمالي الناتج المحلي. ويرافق ذلك تقليل حصة الطاقة من إجمالي الناتج المحلي مرتين. وبحلول عام 2050 ستقوم الشركات الصغيرة والمتوسطة بإنتاج 50 % على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي في كازاخستان، بدلا من 20 % حاليا. كما ينبغي زيادة إنتاجية العمل خمس مرات، من 24.5 ألف دولار حاليا إلى 126 ألف دولار.

 

تتضمن عناصر تطوير المجال الاجتماعي حتى عام 2050 زيادة بمعدل 4.5 مرة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي – من 13 ألف دولار إلى 60 ألف دولار – لتصبح كازاخستان دولة بأغلبية سكان من الطبقة المتوسطة. وفي ضوء الاتجاه العالمي للتحضر، فإن نسبة سكان الحضر ستنمو من 55 % حاليا إلى نحو 70 % من إجمالي السكان. وسيتم ربط المدن والتجمعات السكانية بطرق ذات جودة عالية وطرق سريعة تناسب جميع وسائل النقل.

 

إن تبنِّي أنماط حياة صحية وتطوير الخدمات الطبية سيسهم في زيادة أعمار الكازاخ حتى 80 سنة وأكثر. وسوف تصبح كازاخستان واحدة من المراكز الأوروآسيوية الرائدة في مجال السياحة الطبية. كما تم الانتهاء من تطوير نظام تعليم وطني متقدم. وكذلك ستصير كازاخستان إحدى أكثر الدول آمنا وراحة لإقامة الأفراد من جميع أنحاء العالم. إن السلام والاستقرار والقضاء العادل واحترام القانون، هي عوامل وأسس قيام أي دولة متقدمة.

 

محاور استراتيجية 2050:

 

تتضمن إستراتيجية دخول كازاخستان في مجموعة الثلاثين دولة الأكثر تقدما في العالم أولويات طويلة المدى للعمل في المستقبل. وذلك من خلال تطوير المجالات والقطاعات الأساسية التالية:

 

أولا: ضبط وتدعيم اتجاه التصنيع الابتكاري. وذلك من خلال صياغة الخطة الخمسية الثانية للتنمية الصناعية المتسارعة والمبتكرة الخاصة بالفترة من عام 2016 وحتى 2019. وتحديد عدد من أولويات التصنيع، فزيادة فعالية قطاعات التعدين التقليدية تعتبر أولوية هامة. فهي تعد ميزة تنافسية طبيعية لكازاخستان. ويمكن زيادة تلك الفعالية من خلال نهج جديد لإدارة وإنتاج ومعالجة الهيدروكربونات، مع الحفاظ على إمكانات التصدير في قطاع النفط والغاز. وإقرار السيناريوهات المحتملة لاستخراج النفط والغاز. وكذلك زيادة استخراج الفلزات الأرضية النادرة، نظرا لأهميتها بالنسبة للصناعات التي تعتمد على العلم الحديث مثل الالكترونيات وتكنولوجيا الليزر والاتصالات وصناعة المعدات الطبية.

 

ضرورة خروج كازاخستان للسوق العالمية في مجال التنقيب. من خلال جذب تلك الصناعات استثمارات من الشركات الهندسية الأجنبية بعد تبسيط التشريعات والقوانين. وبشكل عام، وجود خطط منفصلة لتنمية الصناعات التقليدية. بحيث تكون النتيجة الملموسة لكل خطة خمسية – إيجاد مجالات جديدة في الاقتصاد. ففي إطار الخطة الخمسية الأولى ظهرت صناعة السيارات والطائرات، وإنتاج القاطرات، وعربات القطارات المخصصة للركاب والمخصصة للنقل. ومن ثم التوسع في إنتاجها والخروج بها إلى الأسواق الخارجية.

 

لقد تم تقسيم السنوات حتى عام 2050 إلى سبع خطط خمسية، تعمل كل منها على تحقيق هدف واحد، هو الدخول ضمن مجموعة الدول الثلاثين الأكثر تقدما في العالم، ففي إطار الخطة الخمسية الثانية والخطط اللاحقة يتم تأسيس قطاعات تكنولوجيا المحمول، والوسائط المتعددة، والنانو تكنولوجي، والفضاء، وصناعة الروبوت، والهندسة الوراثية، والبحث والاستكشاف في مجال طاقة المستقبل. وتتلخص المهمة الرئيسية للدولة في تهيئة الظروف الأكثر ملائمة لتطوير قطاع الأعمال في كازاخستان، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وخلال السنوات من العشر إلي الخمس عشر القادمة يتم إيجاد قاعدة اقتصادية تعتمد على العلم والمعرفة، والتي بدونها لا يمكن أن تقف كازاخستان على قدم المساواة مع الدول المتقدمة.

 

ثانيا: نقل قطاع الإنتاج الزراعي إلى مسار التقدم والابتكار. وهو القطاع التقليدي في كازاخستان. فالطلب العالمي على الغذاء سوف يزيد زيادة كبيرة. وسيتم توجيه استثمارات أكثر في هذا القطاع. لذا، سيكون التركيز على الاهتمام بزيادة الإنتاجية، وعدم الاكتفاء بالإنجازات البسيطة التي تتحقق نتيجة للظروف الجوية. فالمنافسة في الإنتاج الزراعي العالمي في ازدياد مستمر. ولذلك سيكون الهدف هو التركيز في المقام الأول إدخال تقنيات جديدة والعمل على زيادة الإنتاجية بشكل مستمر، ومراعاة أفضل المعايير الدولية في هذا القطاع.

 

وتتضمن بعض خطوات تطوير قطاع الزراعة إنشاء سوق فعال للأراضي، من خلال آليات تسعير تتسم بالشفافية. وسن تشريعات من أجل السماح بتأجير الأراضي الزراعية فقط في حالات جذب الاستثمارات وإدخال تقنيات متقدمة تساهم في زيادة المنافسة. وذلك من خلال إزالة جميع الحواجز التي تحول دون تطوير الأعمال في مجالات الزراعة والتعاونيات وتحقيق الاستفادة القصوى من الأراضي.

 

إن المستقبل، هو لإنشاء شبكة من شركات التصنيع الجديدة في القطاع الزراعي، وبشكل أساسي كشركات صغيرة ومتوسطة الحجم. من خلال توجيه الدعم في شكل قروض. وتوفير إمكانية الحصول بشكل مباشر على تمويل طويل الأجل للمزارعين، والوصول للأسواق بدون وسطاء. وإنشاء نظام فعال للضمانات وتأمين القروض للمزارعين، تلك الخطوات من شأنها أن تجعل كازاخستان أحد أكبر الدول الإقليمية المصدرة للحوم ومنتجات الألبان. وفي مجال المحاصيل سيتم تخفيض حجم انتاج المحاصيل قليلة الجدوى اقتصاديا، والمحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه، واستبدالها بالخضروات والنباتات الزيتية وإنتاج الأعلاف. من خلال اتخاذ حزمة من التدابير لرفع كفاءة استخدام الكيماويات الزراعية والتوسع في استخدام التقنيات الحديثة للزراعة في المناطق القاحلة.

 

ووفقا للخطة المعتمدة للانتقال إلى الاقتصاد ” الأخضر ” بحلول عام 2030، سيتم تحويل 15 % من الرقعة الزراعية لكي تعمل بتقنيات توفير المياه. من خلال تطوير العلوم الزراعية لإيجاد نماذج تجريبية للابتكارات الزراعية. ومواكبة العصر بتطوير المحاصيل المعدلة وراثيا المقاومة للجفاف بجانب إنتاج المحاصيل الغذائية الطبيعية. وذلك ببلورة خطة لتطوير قطاع التصنيع الزراعي.

 

ثالثا: إقامة اقتصاد قائم على العلم، وهذا يعني زيادة القدرة العلمية لكازاخستان. عن طريق تحسين التشريعات الخاصة بتمويل المشروعات البحثية، وحماية الملكية الفكرية، ودعم البحوث والابتكار، فضلا عن تسويق البحوث العلمية. وذلك بصياغة حزمة من مشاريع القوانين ذات الصلة وتقديمها إلى البرلمان قبل الأول من سبتمبر 2014. حتى يتم وضع خطة تدريجية واضحة الملامح لزيادة تمويل العلوم التي تسهم في اكتشافات وإبداعات في مختلف المجالات والقطاعات.

 

إن جذب الاستثمارات الأجنبية أمر هام للاستفادة الكاملة من نقل المعارف والتقنيات الجديدة للبلاد. وذلك بإقامة مراكز تصميم هندسية بالاشتراك مع الشركات الأجنبية العالمية الكبري. وتشجيع الشركات الرائدة متعددة الجنسيات التي تعمل في مجال النفط والغاز والتعدين والصناعات المعدنية لكي تنشأ مشروعات عملاقة لتلبية احتياجاتهم الخاصة وتوفير خدمات متخصصة. وخاصة أن كثيراً من الشركات الكبرى على استعداد للقيام بذلك. وسيتم تهيئة كل الظروف المناسبة لذلك. وتوفير كافة المعدات التي يتم انتاجها محلياً لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

 

يمثل تحسين كفاءة نظام الابتكار الوطني ومؤسساته الرئيسية أهمية قصوى. وذلك بهدف دعم الشركات الناشئة والمراحل المبكرة للصفقات الاستثمارية. وتفعيل أنشطة واحات وحدائق العلوم لاسيما في المناطق الحضرية الكبيرة خاصة في “ألماآطي”، و “أستانا”. فاليوم يعمل بنجاح أول مجمع فكري ابتكاري في ” أستانا ” تحت إشراف جامعة “نزار بايف”. وفي “ألماآطي” توجد حديقة تكنولوجيا المعلومات “الاتاو”. ومن المقرر اتخاذ تدابير فاعلة لتشجيع الشركات الكازاخية الكبرى للإسهام في واحات وحدائق العلوم بإنتاج وأنشطة إضافية.

 

رابعا: ضمان تطور ديناميكي للبنية التحتية الخاصة بالمثلث ” التجمعات السكنية، النقل، الطاقة “. فالتجمعات السكانية تشكل هيكل الاقتصاد الكازاخي القائم على العلم. وإقامة تجمعات سكنية وتطويرها تعد مسألة مهمة نظرا لإتساع مساحة الدولة وانخفاض الكثافة السكانية. وتعد أول المراكز الحضرية الحديثة بكازاخستان المدن الكبرى “أستانا”، و”ألماآطي”، ثم “شيمكينت”، “أكتوبي”. اللذان ينتظر أن يصبحا مراكز للعلوم وجذب الاستثمارات والسكان، وتوفير التعليم الجيد والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والثقافية.

 

تمثل البنية التحتية للنقل الدورة الدموية للاقتصاد الصناعي وللمجتمع. فلا يوجد بلد متقدم بلا طرق سريعة حديثة ذات جودة مرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، تشكل المواصلات أهمية كبيرة بالنسبة لكازاخستان نتيجة لموقعها بين أوروبا وآسيا، وبين الشمال والجنوب. ومن أجل إنشاء شبكة من الطرق في البلاد، تم البدء في بناء الطريق السريع “أستانا – قاراغندى – ألماآطي”، وطريق “أستانا – بافلودار – أوست كامينوغورسك”. وتسير في هذه المسارات قطارات ذات سرعات مضاعفة.

 

تطوير قطاع الخدمات اللوجستية. من خلال تعظيم الاستفادة من نطاق الاتحاد الجمركي لنقل السلع المحلية. وقد شارف على الانتهاء من بناء ممر ” أوروبا الغربية – غرب الصين “، وقد بنيت السكك الحديدية في تركمنستان وإيران، لتصل إلى الخليج العربي. وفي المستقبل، ستعمل كازاخستان على الاستثمار في إنشاء مراكز للخدمات اللوجستية في البلدان التي تطل على البحر. وتقليل وقت التخليص الجمركي للبضائع، وتحسين قدرات المعابر الحدودية، وتعزيز قدرة ميناء ” أكتاو”، وتبسيط إجراءات عمليات التصدير والاستيراد.

 

يتم بناء خط جديد للسكك الحديدية بطول 1200 كم “جيزكازجان – شالكار – بينيو” الذي سيربط مباشرة بين شرق البلاد وغربها، مما سيساهم في تنشيط العديد من المناطق في وسط البلاد. وسيتم الانتهاء من هذا المشروع العملاق في عام 2015. وسوف يسمح هذا الطريق السريع من خلال بحر قزوين والقوقاز للوصول إلى أوروبا ومن جهة الشرق سيسمح الطريق بالوصول لميناء “ليانيونجان” على المحيط الهادئ وهناك اتفاقية تتعلق بذلك مع الصين.

 

ومن المقرر تطوير قطاع الطاقة بفروعه التقليدية. بدعم البحوث والاختراعات التي تهدف إلى تنقية وتقليل عوادم محطات توليد الكهرباء وتوفير الطاقة على نطاق واسع في الإنتاج وفي المنازل باستخدام أحدث التقنيات. وقد عرضت عشر شركات كبري في الاتحاد الأوروبي إستراتيجية الطاقة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي وفقا للمفهوم الشهير للاقتصاد الأخضر. والذي أدي خلال أربع سنوات من تنفيذه إلى فقد الاتحاد الأوروبي 51 جيجاوات من قدراته التوليدية. ولذلك تأخذ كازاخستان تلك الأخطاء في الحسبان عند تنفيذ برنامج الاقتصاد الأخضر.

 

تعمل كازاخستان على استغلال الإعداد للمعرض الدولي “إكسبو – 2017” (EXPO – 2017) في “أستانا” لإنشاء مركز لدراسة وتنفيذ أفضل ما توصلت له الخبرات الدولية في البحث واستخدام طاقة المستقبل وفي مجال الاقتصاد الأخضر. ومن المتوقع أن يتولى هذا العمل فريق من المتخصصين تحت رعاية جامعة “نزار بايف”. وذلك بتهيئة الظروف لتحويل وسائل النقل العام لكي تعمل بالوقود النظيف، وإدخال السيارات الكهربائية وإنشاء بنية تحتية مناسبة لهم. حيث أن كازاخستان تعمل لزيادة حجم إنتاج البنزين والديزل وكيروسين الطائرات. لذلك سيتم بناء مصنع جديد لتكرير النفط، وفي نفس الوقت، سوف تشهد المرحلة القادمة زيادة في الطلب على الطاقة النووية الرخيصة. وكازاخستان باعتبارها دولة رائدة في استخراج اليورانيوم. سوف تعمل على تطوير الإنتاج المحلي من وقود محطات الطاقة النووية وبناء محطات جديدة للطاقة النووية.

 

خامسا: تطوير الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، يعتبر الأداة الرئيسية للتحديث الصناعي والاجتماعي لكازاخستان في القرن الحادي والعشرين. وفي هذا تتلخص وجهة نظر القيادة فيما يعرف بمفهوم ” المعرفة للجميع “، فكلما زادت حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، كلما كانت تنمية كازاخستان أكثر ثباتا واستقرارا. حيث يعمل في كازاخستان أكثر من 800 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم، يعمل بها 2.4 مليون كازاخي. وقد نما حجم الإنتاج في هذا القطاع على مدى أربع سنوات بمعدل 1.6 مرة ليصل إلى أكثر من 8.3 مليار تنجه (العملة الرسمية الكازاخية).

 

ووفقا للتصنيف العالمي تدخل كازاخستان ضمن مجموعة الدول ذات الظروف الأكثر ملائمة لممارسة الأعمال التجارية، وتتجه الجهود لدعم هذا الاتجاه. باعتبار الشركات الصغيرة والمتوسطة هي أساس اقتصادي قوي لمجتمع الأعمال العام. ومن أجل تنميتها يتم العمل على إيجاد حلول شاملة لتوفير دعم تشريعي للملكية الخاصة. وإلغاء جميع القوانين البيروقراطية التي تعيق تطور الأعمال. حتى تصبح الأعمال الصغيرة تقليدا عائليا يتوارثه جيل بعد جيل، واتخاذ إجراءات تعمل على تعزيز التخصص في الشركات الصغيرة، وتدعم انتقالها إلى الفئة المتوسطة ​​. واعتماد آلية واضحة لإفلاس شركات هذا القطاع. حيث تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أن تنمو حول المشاريع المبتكرة الجديدة. وسوف يتم دمج الخطة الخمسية الثانية للتصنيع مع خارطة الطريق ” الأعمال في عام 2020 “. وذلك بإنشاء آليات فعالة لدعم وتوجيه رجال الأعمال المبتدئين بالتعاون مع الغرفة الوطنية لرجال الأعمال.

 

* كاتب وباحث في الشئون الآسيوية

 

المصدر

 

 

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments