كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040 | أ. د. وائل صالح (الجزء 1 من 4)

كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040 | أ. د. وائل صالح (الجزء 2 من 4)

2022-04-15 1:02 ص
الكاتب :

كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040

 

(الجزء 2 من 4)

 

الجزء الأول: القوى الهيكلية[2]

 

مما لا شك فيه أن الاتجاهات الخاصة بالتركيبة السكانية والتنمية البشرية والبيئة والاقتصاد والتكنولوجيا هي التي ترسم وتبني حدود عالمنا المستقبلي. في بعض المناطق، أصبحت هذه الاتجاهات أكثر حدة، مثل التغيرات المناخية، وتركز الناس في المناطق الحضرية، وظهور تقنيات جديدة. من المرجح أن تتباطأ المكاسب في التنمية البشرية والنمو الاقتصادي وقد ينعكس ذلك في بعض المجالات، مع العلم أن مزيجاً من العوامل يمكن أن يغير هذا المسار من التباطؤ. وسيوفر هذا السياق فرصاً للابتكار، ولكنه سيترك بعض المجتمعات والدول تكافح من أجل التأقلم والتكيف أيضاً. حتى التقدم الظاهر في مجالات كالتقنيات الجديدة والمتقدمة، سيكون مدمراً لحياة العديد من الناس وسبل عيشهم، مما يتركهم يشعرون بعدم الأمان ويفرض عليهم مزيداً من التكيف مع ذلك الوضع.

 

التحولات الديموغرافية الرئيسية مع تباطؤ النمو السكاني العالمي وشيخوخة العالم بسرعة هي الاتجاهات الأكثر تأكيداً خلال العشرين عاماً المقبلة. بعض الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، بما في ذلك في أوروبا وشرق آسيا، سوف تنمو بشكل أسرع ولكنها ستواجه تقلصاً في عدد السكان، ما سيؤثر في المقابل في النمو الاقتصادي على المدى الأطول. وستستفيد بعض البلدان النامية في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا من زيادة عدد سكانها الذين في سن العمل، ما سيوفر فرصاً لتحقيق مكاسب ديموغرافية إذا اقترنت بالتحسينات في البنية التحتية والمهارات البشرية.

 

سوف تكافح العديد من البلدان للبناء على ما تم تحقيقه في العقود القليلة الماضية في مسارات التنمية البشرية في مجالات الصحة والتعليم وازدهار الأسرة أو حتى الحفاظ عليها بسبب صعوبات استمرار أو تفاقم صعوبات مثل جائحة “كوفيد-19″، والبطء في النمو الاقتصادي العالمي، وشيخوخة السكان، وآثار تفاقم الصراع في مناطق كثيرة من العالم والتغير المناخي. وستشكل هذه العوامل تحدياً للحكومات في توفير التعليم والبنية التحتية اللازمة لتحسين إنتاجية الطبقات المتوسطة الحضرية المتنامية في اقتصاد القرن الحادي والعشرين.

 

ومن شبه المؤكد أن يؤدي تحول الاتجاهات الديموغرافية العالمية إلى تفاقم التفاوتات في الفرص الاقتصادية داخل البلدان وفيما بينها خلال العقدين المقبلين، فضلاً عن خلق المزيد من الضغوط والنزاعات بشأن الهجرة.

 

في مجال البيئة، من المرجح أن تزداد حدة الآثار المادية لتغير المناخ خلال العقدين المقبلين، لا سيما في ثلاثينيات القرن الحالي. المزيد من ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الشديدة والجفاف والفيضانات وذوبان الأنهار الجليدية والقلنسوات الجليدية وسيصاحب ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر. وسيؤثر ذلك في العالم كله ولكن بشكل غير متناسب بل بشكل أكبر على العالم النامي والمناطق الأفقر فيه وسيخلق ذلك الوضع نقاط ضعف جديدة وسيفاقم المخاطر الحالية ما سينعكس على الازدهار الاقتصادي وعلى قطاعات الغذاء والماء والصحة وأمن الطاقة. ومن المرجح أن تقوم الحكومات والمجتمعات والقطاع الخاص بتوسيع تدابير التكيف والمرونة لإدارة تلك التهديدات والمخاطر، ولكن من غير المرجح أن تكون تلك التدابير متساوية الأثر، ما سيترك بعض السكان في بعض المناطق وراء الركب. وستزداد المناقشات حول كيفية الحد من انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري.

 

على المستوى الاقتصادي، سيرتفع الدين الوطني لمعظم الدول، خلال العقدين المقبلين، وستكون البيئة التجارية العالمية أكثر تعقيداً وتجزئة، وستشهد التجارة العالمية تحولات جذرية، واضطرابات جديدة في قطاع التوظيف، وستتغير الظروف الاقتصادية داخل الدول وفيما بينها. وقد تجد العديد من الحكومات نفسها مضطرة إلى التقليل من المرونة بسبب أعباء ديون أكبر. وسنشهد قواعد تجارية جديدة ومتنوعة، ومجموعة أوسع من الجهات الفاعلة الحكومية ومن الشركات النافذة.

 

يمكن لشركات المنصات التجارية الافتراضية الكبيرة (التي توفر أسواقاً عبر الإنترنت لأعداد كبيرة من المشترين والبائعين) أن تدفع في استمرار العولمة التجارية وتساعد الشركات الصغيرة على النمو والوصول إلى الأسواق الدولية. ومن المرجح أن تحاول هذه الشركات القوية ممارسة نفوذها في الساحتين السياسية والاجتماعية، وربما قد يدفع ذلك الوضع الحكومات إلى فرض قيود جديدة. كما أن الاقتصادات الآسيوية تبدو مهيأة لمواصلة عقود من النمو حتى عام 2030 على الأقل، وإن كان من المحتمل أن يكون أبطأ من الآن. ومن غير المحتمل أن يستمر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على وضعه الراهن حتى في الاقتصادات المتقدمة الحالية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

 

ستوفر التكنولوجيا إمكانية التخفيف من بعض المشكلات، مثل تغير المناخ والأمراض، وخلق تحديات جديدة، مثل الاستغناء عن الوظائف، وسيتم اختراع التقنيات واستخدامها ونشرها ثم التخلص منها بسرعات متزايدة في جميع أنحاء العالم، كما ستظهر مراكز ابتكار جديدة. ومن المرجح أن تزداد وتيرة التطورات التكنولوجية ونطاقها بشكل أسرع خلال العقدين المقبلين، ما سيؤدي إلى خلق توترات واضطرابات جديدة داخل المجتمعات والصناعات والدول وفيما بينها. وسوف يتنافس المنافسون من الدول وغير الدول على القيادة والهيمنة في العلوم والتكنولوجيا ما سينعكس على الأمن الاقتصادي والعسكري والمجتمعي.

 

ويغذي هذا الاتجاه انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي سيسهل على الحكومات والمجموعات حتى الشركات تشكيل الرأي العام، سواء من خلال حملات التأثير أو عمليات التضليل ما سيزيد من تشويه الحقيقة والواقع، ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات على نطاق واسع.

 

المصادر:

[2]. Structural forces, setting the parameters, 7th edition of the National Intelligence Council’s Global Trends report, 2021,

 

https://web-archive-org.translate.goog/web/20210414042831/https://www.dni.gov/index.php/gt2040-home/gt2040-structural-forces?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=fr&_x_tr_pto=se

 

المصدر

 

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments