جدل الروبوتات | نور سليمان

جدل الروبوتات | نور سليمان

2022-12-01 11:06 م

جدل الروبوتات | نور سليمان*

 

لطالما شهد موضوع قيام الروبوتات بثورة واحتلالها العالم جدلاً واسعاً، وقد تم تناول الفكرة بطابع يغلب عليه الخوف والقلق. ومع تسارع وتيرة التطور التكنولوجي ومدى تقدم مجال الذكاء الاصطناعي وابتكار الأندرويد وأهميته المتغلغلة في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، خاصة مع أحداث الأعوام الأخيرة، عاد هذا الموضوع للسطح مجدداً، وتم تسليط الضوء على ثورة الروبوتات مرة أخرى.

 

ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والأندرويد، من المتوقع أن نشهد انتشار روبوتات تنبض بالحياة بشكل متزايد في منازلنا وأماكن عملنا، مع عدم وجود خيار آخر سوى أن نتعلم كيفية التعايش والتأقلم معها. في حين أنه لا يزال من غير الواضح كيف سيكون التفاعل بين الإنسان والروبوت خلال الأعوام المقبلة، فإن الكثير من التكهنات والتوقعات هي في الواقع سلبية، سواء كان ذلك نتيجة للتصور المدمر الذي خلقته الأفلام السينمائية، أو للشكوك المفروضة حول ما إذا كانت الروبوتات ستُحدث تغييراً إيجابياً في العالم أو تصبح تهديداً للوظائف والضمان الاجتماعي.

 

وطرأت العديد من التطورات المهمة في مجالات علوم الكمبيوتر والهندسة والتكنولوجيا لتحسين القوى الحسابية وإضفاء الطابع الإنساني على مظهر الروبوت. وكلما تقدمت هذه التكنولوجيا بشكل أسرع، كلما اكتسبت الروبوتات قدرات أكثر تعقيداً لتُمكنها من تعزيز علاقتها مع البشر. وبرغم ذلك، إلا أننا ما زلنا بعيدين كُل البُعد عن خلق آلات تتمتع بالذكاء العاطفي الكافي لاستبدال القوى العاملة في العالم أجمع، لا سيما في الوظائف المعتمدة على سمات بشرية فريدة.

 

وتم بالفعل تبني واعتماد الروبوتات التعاونية عبر قطاعات مثل: الرعاية الصحية والخدمات اللوجستية، حيث يتم استخدامها لتخفيف عبء الوظائف التي تتطلب جهداً بدنياً، أو المهام المتكررة التي يُمكن التنبؤ بها ضمن ظروف منظمة داخل المصانع أو المستودعات.

 

وبالنسبة لقطاع الخدمات اللوجستية، تلعب الروبوتات أدواراً تكميلية في سلسلة التوريد مع وجود تحسن كبير في المخرجات وخفض التكاليف والإنتاجية وتقديم الخدمات. ونظراً لتنوعها وبراعتها التي قد تتشابه مع، بل وحتى تتجاوز أحيانًا القدرات البشرية، يتم استخدام الروبوتات لمساعدة العمال في أنشطة التخزين، أو النقل، أو حتى توصيل الميل الأخير. كما من شأن دمج الروبوتات في العمل أن يسمح بإعادة تخصيص الموظفين واستخدامهم بشكل أفضل للقيام بمهام أكثر جدوى مع تقليل مخاطر الصحة والسلامة المتعلقة بفرز الطرود وانتقائها وتعبئتها وتحميلها وتجهيزها.

 

ولا تزال العديد من القطاعات وتدفقات العمل تعتمد على القدرات البشرية للذكاء الاجتماعي والإدراك والإبداع، حتى مع التطورات الحاصلة في مجال الروبوتات والتي نجم عنها تحول عدد متزايد من الوظائف نحو الأتمتة.

 

ويُمكن للأجهزة أتمتة بعض السلوكات والمهام بشكل مستقل، وبإمكانها أيضاً محاكاة بعض الأفعال البشرية، لكنها لا تستطيع التنافس على المهارات المعرفية والتفكير النقدي، لأن الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل تام وكلي على قاعدة بيانات ضخمة، على عكس البشر الذين يتصرفون بحسب الأحداث الجارية من حولهم. وقد تتوجه بعض الشركات المعنية نحو تقديم خدمات تعتمد على المشاركة الشخصية، لاستخدام الروبوتات، بهدف تسريع سير العمليات، إلا أنه من المحال أن تستعيض عن الكوادر العاملة لأنها تعتمد على الذكاء البشري للتعاون وبناء علاقات هادفة.

 

وقد يجد الناس صعوبة في تقبّل الروبوتات والتعامل معها، إلا أنهم سيتأقلمون مع الوقت مثلما حدث مع الثورة الصناعية والرقمية التي انطلقت خلال القرن 21.

 

وفي حال تعرفنا إلى إيجابيات ثورة الروبوتات التي قد تكون وسيلة لخدمة البشرية على أكمل وجه، فإننا سنتمكن من الجمع بين الذكاء الاصطناعي والبشري لتعزيز كفاءة أداء المهام اليومية، ما يُمكّن الروبوتات من التطور لتصبح أدوات قوية وفعّالة تساعدنا لنصبح أكثر إنتاجية وإثراءً للمجتمع. ولكن للوصول لهذا المستوى من التعايش والتقبل، يجب أن يكون هناك تحول مواز في العقلية وقبول الروبوتات كتقنية تكميلية مصممة لتعزيز قدرات البشر.

 

* الرئيس التنفيذي لشركة «دي إتش إل» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

13/11/2022

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments