خير جليس: دراسة مستقبلية...أ. د. وليد عبد الحي

خير جليس: دراسة مستقبلية…أ. د. وليد عبد الحي

2020-10-18 11:11 ص

عند القيام بدراسة مستقبلية فإنك ترسم الوضع القائم (مستخدما المؤشرات الكمية والكيفية (وتحويل الأخيرة لمؤشرات كمية))، ثم تضع كل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث مستقبلا، ثم تبدأ بدراسة أثر كل احتمال على كل مؤشر من مؤشرات الوضع القائم، ثم تدرس تأثير الحركة في كل مؤشر من مؤشرات الوضع القائم على بقية المؤشرات من خلال ثلاثة احتمالات:

  1. زيادة المؤشر
  2. ثبات المؤشر
  3. تراجع المؤشر

ثم تبدأ بالبحث عن المؤشرات التي تدعم كل احتمال للترجيح بينها على أساس عمق التأثير الذي يتركه المؤشر، وعدد المؤشرات التي تتأثر به… ثم تضع من خلال ما يسمى دولاب المستقبل تداعيات كل من المؤشر والنتيجة لتحديد الفترة الزمنية للتطور… وهكذا.

 

وفي دراسة وضع إقليم معين تصبح المسألة أكثر تعقيدا، إذ يتم تحديد الدول المركزية والدول المتوسطة والدول الهامشية، ويتم تحريك المؤشرات استنادا لمنح الدول الكبرى قيمة × 3، والدولة المتوسطة × 2، والدولة الهامشية ×1.

 

المشكلة أن أغلب الدراسات المستقبلية التي تجريها مراكز الدراسات الغربية في أنها لا تكشف التقنية التي تستخدمها في الوصول للنتائج، بل يتم عرض المؤشرات المحلية والإقليمية والدولية دون تحديد كيف تم الوصول للنتائج، وهو ما يعتبروه “سلعة” يتم بيعها لمن يريد التعرف عليها.

 

فمثلاً عند تناول دراسة أوروبية لمستقبل المنطقة العربية نجد عددا كبيرا من المؤشرات (93 مؤشرا يتم قياسها لعشر سنوات)، والاحتمالات (26×93)، ثم يتم وضع ما يسمى “المؤشر قليل الاحتمال عظيم التأثير” (Low probability –High impact)، ويتم رسم السيناريوهات المختلفة على أساس نموذج سيجما (sigma) القائم على “يحدث –لا يحدث…

 

فمثلاً تشير هذه الدراسة في تناولها لمستقبل الشرق الأوسط إلى مؤشرات مثل:

– عدد التجارب النووية التي قامت بها الدول النووية التسع هي 2055 (ألفان وخمسة وخمسون انفجارا نوويا)

–  تتضاعف المعرفة العلمية كل 18 شهرا… وغيرها من المؤشرات التي بلغت 19 مؤشرا

 

ثم تنتقل الدراسة لمؤشرات عربية (48 مؤشراً) ذات دلالة مثل:

1- الوضع الاقتصادي لسوريا حاليا يتساوى مع وضعها عام 1978، ولكي تعود لما كانت عليه عام 2011، فهي بحاجة لثلاثين سنة مع شرط نمو اقتصادي بمعدل 5%  سنويا.

2- معدل دخل الفرد في العالم هو 11975 دولارا، بينما معدل دخل الفرد العربي هو 7981 دولارا.

3- معدل دخل القطري يفوق معدل دخل اليمني بحوالي 44,77 ضعفا.

4- سيكون عدد سكان الدول العربية عام 2025 حوالي 468 مليون نسمة.

5- معدل إنجاب المرأة للأطفال في العالم هو 2,7 بينما في الدول العربية المعدل هو 3,1 طفل.

6- سيكون حوالي 66% من العرب يعيشون في مدن.

7- سيصل احتياج العالم للبترول عام 2035 إلى 99,7 مليون برميل يوميا.

8- حجم الاستثمارات الخارجية ارتفع في الدول العربية بين 2003-2008، ثم بدأ بالتراجع من 2009- الآن.

9- عام 2025 ستكون مدينة صنعاء (عاصمة اليمن) بدون ماء.

ثم تنتقل لما يسمى احتمالات التطورات المفاجئة في العالم العربي (26 احتمال): (قليل الاحتمال عظيم التأثير) مثل:

1- تمكن تنظيمات سياسية من امتلاك أسلحة غير تقليدية
2- تغير النظام السياسي في السعودية
3- حدوث حرب بين إيران والسعودية
4- العثور على بديل رخيص للطاقة
5- احتمال التمدد الروسي في المنطقة وحدوث حرب مع القوى الغربية
6- ظهور عبد الناصر جديد في مصر أو العراق
7- تفكك مجلس التعاون الخليجي
8- موجة هجمات من داعش على الدول الغربية
9- وفاة الرئيس السوري بشار الأسد
10- احتمالات كارثة طبيعية تجبر العرب على التعاون
11- الحرب بين مصر وإثيوبيا
12- نجاح داعش في إقامة دولتها
13- تحقق قيام الدولة الكردية
14- تنامي الدور الصيني في الساحة العربية
15- استمرار الأزمة الفلسطينية
16- استمرار أزمة الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب…الخ

 

ويلاحظ أن من شروط الدراسة المستقبلية عدم استبعاد أي احتمال مهما بدا غريبا أو مخالفا للعقائد أو الأديان أو الآيديولوجيات أو الحدس الجمعي أو أنه غير أخلاقي أو أنه قد يخلق ارتباكا أو اضطرابا.. الخ من الأعذار التي تعتبرها الدراسة المستقبلية غير مقبولة…

 

يصبح دور الباحث هو: كيف تتفاعل كل هذه العوامل مع بعضها لترسم الصورة المستقبلية؟ للأسف لدى البعض شجاعة ليرسم لك المستقبل لمجرد معرفته معلومة واحدة (وقد لا تكون صحيحة…)

جهد كبير لكنه يستحق…

 

أ. د. وليد عبد الحي

 

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments