رؤية السياسة الخارجية السويسرية في أفق عام 2028

رؤية السياسة الخارجية السويسرية في أفق عام 2028

2020-07-16 6:00 م

قامت وزارة الخارجية السويسرية مؤخرا ببلورة رؤية جديدة لمستقبل السياسة الخارجية للكنفدرالية تأخذ في الحسبان جملة من التحديات الملحة كالهجرة والرقمنة والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

ما هو الموضوع المطروح؟

 

يريد إينياتسيو كاسيس، الوزير المسؤول عن حقيبة الشؤون الخارجية في الحكومة الفدرالية، إعطاء دفعة جديدة للسياسة الخارجية لسويسرا.

في هذا السياق، قام بتشكيل فريق عمل وكلفه بتطوير “رؤية السياسة الخارجية السويسرية في أفق عام 2028 (يُشار إليها اختصارا بـ Avis28).

 

في هذه الرؤية، تركز الإهتمام على ستة مجالات حساسة إلى حد ما وهي مصالح وقيم سويسرا، والعلاقة بين السياسة الخارجية والداخلية، ومشاركة السكان والقطاع الإقتصادي، والمساعدة من أجل التنمية والهجرات، والرقمنة، والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي.

ما الجديد في رؤية السياسة الخارجية السويسرية؟

 
  • 2 يوليو 2019: تم نشر تقرير مجموعة العمل “Avis28” للعموم حيث يُنتظر أن يكون بمثابة مصدر إلهام لتطوير السياسة الخارجية السويسرية.

 

  • أكتوبر 2018: أنشأ الوزير الفدرالي إينياتسيو كاسيس مجموعة العمل “Avis28” وقام بتعيين أعضائها شخصيًا.

تتألف المجموعة من مسؤولين كبار في وزارة الخارجية ومن رئيس مؤتمر الحكومات المحلية للكانتونات

ومن خبراء يقدُمُون من الأوساط العلمية ومن القطاع الإقتصادي ومن المجتمع المدني.

وماذا لو تعمقنا اكثر؟

لماذا تحتاج سويسرا إلى “رؤية” لسياستها الخارجية؟

أدت الرقمنة وظاهرة الإحتباس الحراري والتغييرات السياسية وتزايد التوترات الجغرافية – السياسية والصراعات التجارية وحركات الهجرة إلى تراجع الثقة في السلطات السياسية القائمة. ويقول التقرير الذي أعدته مجموعة العمل إن هذه الاضطرابات لها تأثير على الكنفدرالية، لذلك “تحتاج سويسرا إلى رؤية تسمح لها بالدفاع عن مصالحها وتعزيز قيمها في سياق دولي متقلب”. ويجب عليها أن تتصرف بقوة أكبر انطلاقا من موقف تم تحديده بشكل واضح وأن تقدم جبهة موحدة بوجه العالم الخارجي. هكذا، تريد سويسرا أن تُعدّ نفسها لمواجهة التحديات دون التفويت في الفرص التي تُتاح لها ضمن النظام العالمي.

ما هي العناصر الأكثر إثارة في التقرير لرؤية السياسة الخارجية السويسرية؟

 

تتمثل المسألتان اللتان تثيران مُعظم ردود الفعل في انخراط القطاع الاقتصادي (في السياسة الخارجية) والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي. فقد تعرّض إينياتسيو كاسيس منذ استلامه المنصب يوم 1 نوفمبر 2017 للإنتقاد بسبب علاقاته الوثيقة مع الدوائر الإقتصادية. فعلى سبيل المثال، وُجّه إليه اللوم لقيامه بتعيين عدد من كبار المُسيّرين في شركة سويس راي  SwissRe (للتأمين وإعادة التأمين) ومجموعة آي بي بي ABB (التي تعمل بشكل رئيسي في مجال الروبوتات والطاقة والمعدات الكهربائية الثقيلة وتكنولوجيا التشغيل الآلي) ضمن مجموعة العمل “Avis28”، كما يتهمه البعض بانتهاج سياسة خارجية تركز بشكل مُبالغ فيه على المصالح الاقتصادية. كما حذرت أسبوعية WOZ اليسارية الناطقة بالألمانية من “رؤاه الخطيرة” والأحادية الجانب بشكل كبير.

 

عموما، تظل المسألة الأوروبية مصدر توتّر لا ينضب. ففي التقرير الذي أعدته، تقول مجموعة العمل بأن هناك حاجة لعلاقة مع الإتحاد الأوروبي لكن لا زواج. في هذا الصدد، يُذكّـر إينياتسيو كاسيس بموقف الحكومة الفدرالية الذي ينص على أن “سويسرا تحتاج إلى أفضل وصول مُمكن إلى سوق الإتحاد الأوروبي مع احتفاظها بأقصى قدر من الاستقلال. إن مسارا ثنائيا مُعززا يُشكل في هذا الصدد النموذج المُناسب”.

 

ما هي التغييرات التي ستجلبها هذه الرؤية الجديدة؟

 

رسميا، يُفترض أن يُلهم التقرير السياسة الخارجية المستقبلية لسويسرا، لكن تموضع الكنفدرالية ليس “منقوشا على الرخام”، حيث يُمكن للديمقراطية المباشرة ولتطورات السياق الجغرافي – السياسي العالمي أن تؤثرا بقوة في مواقفها وقراراتها.

 

مع ذلك، يشير المراقبون إلى أن إينياتسيو كاسيس بدأ في القيام بنقلة نوعية، من خلال منح أهمية أكبر للمصالح السويسرية في التعاون الإنمائي وفي ظل مُراعاة “الأهمية الاستراتيجية” لسويسرا في وضع التقاليد الإنسانية موضع التنفيذ. إذ تخشى الأوساط اليسارية من أن تؤدي هذه الرؤية إلى انتهاج برن سياسة أكثر تقييدًا في مجال الهجرة.

 

(نقله إلى العربية وعالجه: كمال الضيف)

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments