كيف سيقود الابتكار الشمول المالي في مصر في إطار رؤية 2030

كيف سيقود الابتكار الشمول المالي في مصر في إطار رؤية 2030

2019-09-09 12:28 م

كيف سيقود الابتكار الشمول المالي في مصر في إطار رؤية 2030

 

تم إدراج الشمول المالي في مصر كأولوية قصوى في جدول أعمال الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية، كجزء لا يتجزأ من رؤية مصر 2030. والشمول المالي -لمن لا يعرف معناه- هو مفهوم اجتماعي اقتصادي جديد نسبياً في مصر يعمل على توفير الخدمات المالية مثل: حسابات التوفير، والحسابات الجارية، وخدمات الدفع والتحويل، والتأمين، والتمويل والائتمان، وغيرها من المنتجات والخدمات المصرفية المختلفة بتكاليف معقولة ومناسبة للجميع، خاصة الذين قد لا يكونون على علم بهذه الخدمات أو غير قادرين على تحمل تكاليفها، وذلك من خلال القنوات الشرعية، مثل البنوك وهيئات البريد والجمعيات الأهلية وغيرها من مؤسسات الدولة، كما يجب أن يكون سهل الحصول عليها في أي مكان سواء في الحضر أو في الريف أو حتي في الأماكن النائية والبعيدة، وأن تكون هناك رقابة قوية علي هذه الخدمات توفر حماية حقيقية لحقوق المستهلكين. ويلعب الشمول المالي دورا رئيسيا في مواجهة تحديات الفساد والحد من الفقر والبطالة وتحقيق التنمية، حيث يمثل حلقة مهمة لتوليد فرص العمل والتخفيف من تأثير التقلبات الاقتصادية والمالية ويضمن الشفافية في التعاملات المصرفية، كما أنه يدعم الجهود التي تقوم بها مصر لتطوير البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار، وتحقيق الاستدامة المالية، خاصة أن تعزيز الشمول المالي ينعكس إيجابيا على الشباب في عدة جوانب مثل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، واجتذاب القطاع غير الرسمي، وتحقيق مستوى أعلى من الاستقرار المالي لهم. بالإضافة إلى ذلك يعمل على تقوية القطاع المصرفي وتعزيز استقراره وسلامته وتعزيز دوره في خدمة مساعي النمو الاقتصادي الشامل.

 

ووفقًا لبيانات تقرير جلوبال فيندكس (Global Findex) للتضمين المالي للبنك الدولي عام 2017، فإن 33 في المائة من البالغين في مصر لديهم حساب بنكي وأن 30 في المائة من هؤلاء الأفراد لديهم حساب نقدي على الهاتف المحمول، وأن نسبة 81 في المائة من مالكي الحسابات البنكية ما زالوا يقومون بدفع فواتير الخدمات نقديا. ووفقًا لنفس التقرير، اكتسب أكثر من نصف مليار شخص حول العالم حسابًا للمعاملات المالية على مدار السنوات الثلاث الماضية، وذلك بفضل مزج التكنولوجيا والاستثمار الخاص وإصلاحات السياسة والدعم من المجتمع العالمي. فمنذ عام 2011، ارتفعت حصة البالغين الذين لديهم حسابات رسمية من 51 في المائة إلى 69 في المائة، وتوسعت إمكانية الوصول المالي لتشمل 1.2 مليار شخص إضافي. لكن الوصول للخدمات المصرفية ليس كافيًا، أنما ما يهم هو كيف يتم استخدام تلك الخدمات، لأن الهدف من الشمول المالي، ليس فقط امتلاك حساب ولكن استخدامه لمحاربة الفقر والفساد والتعافي من النكسات المالية وتحسين مستوى المعيشة. وللابتكارات التكنولوجية في المجال المصرفي دور كبير في تحقيق هذا الأمر، فيعد ظهور الابتكارات التكنولوجية، وخاصة المدفوعات التي تتم عن طريق الإنترنت، سببا لتحقيق الاستثمارات. فمثلا في الصين، قفز أصحاب الحسابات الذين يستخدمون الإنترنت لدفع الفواتير أو الشراء من 24 في المائة إلى 57 في المائة العام الماضي بفضل الإنترنت والتجارة الإلكترونية، والبيانات الضخمة، مما يجعل الائتمان متاحًا للشركات الصغيرة في عدد متزايد من الأسواق.

 

ومن أمثلة الابتكارات التكنولوجية التي تدعم الشمول المالي، تكنولوجيا الخدمات المصرفية (Fintech) التي تقدم المنتجات المرنة وأفضل الطرق لمواجهة التحديات المالية التي يواجهها العملاء من ذوي الدخل المنخفض. حيث أنها توفر الكثير من الخدمات المصرفية بأسعار معقولة ويمكن الوصول إليها بسهولة. كما أنها تسهل التحقق من الهوية الرقمية، ومشاركة البيانات، وتوفر أنظمة دفع متنوعة والتي يمكنها تحفيز مجموعة من الخدمات المصرفية الأخرى. وهناك تكنولوجيا blockchain التي تساهم بشكل كبير في خفض التكاليف، وتساعد علي زيادة الإنفاق وتبادل الأموال في جميع أنحاء العالم بطريقة أرخص وأسرع. كما أنها توفر شفافية للإنفاق الحكومي من خلال توفير إمكانية التتبع حول كيفية توزيع الأموال واستخدامها بشكل فعال، ومن خلال القضاء على الفساد والانحرافات المالية، كما أن هذه التكنولوجيا توفر ملفات تعريف رقمية شخصية للعميل، تتألف من سجلات مختلفة للأنشطة الشخصية والمالية له. والتي يمكن قبولها من قبل المؤسسات المالية باعتبارها معلومات هوية مشروعه، وبالتالي يسمح التعامل معه ماليا. كما يمكن أن تقلل هذه التقنية زمن التسويات وتسهل معالجة الأخطاء دون مشاكل مزدوجة في الإنفاق. أما تكنولوجيا العملات المشفرة Cryptocurrency فستساهم بشكل كبير في القضاء على الوساطة، الأمر الذي كان يؤدي إلى ارتفاع الرسوم.

 

أما عن دور الذكاء الاصطناعي في الشمول المالي فيعد مهما جدا، فعن طريقه تتم الآن عمليات تحليل المخاطر والموافقة على القرض تلقائيًا والتي تستغرق بضع دقائق فقط بدلاً من بضعة أيام. كما يسمح الذكاء الاصطناعي لأجهزة الكمبيوتر بمعالجة المعلومات لاتخاذ القرارات بطريقة أسهل وبشكل دقيق. التطبيق الأكثر للذكاء الاصطناعي لدعم الشمول المالي هو تسهيل الوصول الي المعاملات البنكية الشخصية من أي مكان في العالم، مما يجعل امتلاك حساب بنكي مشجع للكثيرين، لسبب بسيط هو أن الناس لم يعودوا يرغبون في القيام بزيارات متعددة إلى البنوك لإجراء معاملة بسيطة، حيث يمكنهم الآن إكمال نفس العملية من منازلهم. وبالمثل، لا يتطلب الحصول على القروض الي إكمال الآلاف من الأعمال الورقية وإلى الوقت الكبير، أو زيارة أحد البنوك، لأن العملية برمتها الآن رقمية، فالان تحدث عملية الاقتراض في لحظة. تقنية أخرى هي الرفيق المثالي للذكاء الاصطناعي وهي البيانات الكبيرة، التي تساعد الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات دقيقة ويعيد اختراع المنطق.

 

لذلك أتطلع أن أري مصر وكل دولنا العربية تمتلك الابتكارات المصرفية من blockchain، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من ابتكارات fintech التي لديها القدرة على إعادة تكوين سلسلة القيمة بالكامل للخدمات المصرفية وذلك لتنفيذ المعاملات بطريقة آمنة، وآلية وغير مركزية، تضمن الاستقرار والدعم للمحتاجين في كل أرجاء البلاد.

 

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments