كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040 | أ. د. وائل صالح (الجزء 1 من 4)

كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040 | أ. د. وائل صالح (الجزء 1 من 4)

2022-04-15 1:00 ص
الكاتب :

كيف يرى مجلس المخابرات الوطني الأمريكي العالم عام 2040

 

(الجزء 1 من 4)

 

يقدم مجلس المخابرات الوطني الأمريكي (NIC)، الذي تأسس عام 1979 ويتبع مدير المخابرات الوطنية CIA، تقريراً يسمى “الاتجاهات العالمية” كل أربع سنوات لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد ويتم تسليمه عادةً إلى الرئيس المنتخب بين يوم إعلان الانتخابات ويوم التنصيب. ويستند التقرير إلى معلومات استخباراتية من مجموعة واسعة من المصادر التي تضم آراء خبراء ووثائق وتقارير أخرى بهدف تزويد صانعي السياسة الأمريكية في وقت مبكر من كل إدارة جديدة بأفضل المعلومات المتاحة والتحليلات والتقديرات المعمقة للاتجاهات الرئيسية التي ستشكل البيئة الاستراتيجية للولايات المتحدة خلال العقدين المقبلين على الأقل[1].

 

والتقرير يُنظر إليه أنه غير منحاز ولا يأخذ في الاعتبار عما إذا كانت الأحكام التحليلية الواردة فيه تتوافق مع السياسة الأمريكية الحالية من عدمه. ويتميز التقرير بجمعه بين تحديات الأمن القومي التقليدية والتحديات الأخرى مثل التحديات الاجتماعية التي لها تداعيات أمنية واضحة. واستهل تقرير الاتجاهات العالمية لمجلس الاستخبارات الوطنية لهذا العام، وهو الإصدار السابع، بجملة معبرة لشيرمان كينث، مؤسس مكتب التقديرات الوطنية الأمريكي: “المخابرات لا تدعي عصمة استشرافاتها عن الخطأ هي تعتبر أن الإجابات التي تقدمها هي التقديرات الأكثر عمقاً وموضوعية فقط”، ومقدمة التقرير التي كتبها الفريق الاستراتيجي لاستشراف المستقبل بمجلس المخابرات الوطني الأمريكي تقول “نقدم هذا التحليل بتواضع، مدركين أن المستقبل سيتكشف دائماً بطرق لم نتوقعها”.

 

وتتضمن عملية كتابة التقرير خطوات عديدة من بينها فحص الإصدارات السابقة من التقرير وتقييمها للبحث عن الدروس المستفادة لصقل التقرير الجديد؛ وعملية البحث والاكتشاف التي تنطوي على مشاورات واسعة النطاق، وجمع البيانات، والتكليف بإجراء البحوث؛ والتوليف والتخطيط والصياغة، والتماس التغذية الراجعة الداخلية والخارجية لمراجعة التحليل وصقله.

 

ويقول التقرير الصادر هذا العام، بعنوان “الاتجاهات العالمية 2040: عالم أكثر إثارة للجدل”، في مقدمته أن أحد المكونات الرئيسية له هو محادثات القائمين عليه مع العالم حيث استفاد بشكل كبير من المحادثات المستمرة مع الأكاديميين والباحثين المعتبرين في مجموعة من التخصصات المختلفة من أجل ترسيخ التقرير بأحدث النظريات المعرفية والبيانات. كما قام القائمون على التقرير بتوسيع اتصالاتهم للاستماع إلى وجهات نظر متنوعة، بدءاً من طلاب المدارس الثانوية في واشنطن العاصمة، مروراً بمنظمات المجتمع المدني في أفريقيا، وقادة الأعمال في آسيا، ومن لهم خبرة واسعة في الاستشراف من الباحثين في أوروبا وآسيا، وصولاً إلى مجموعات الدفاع عن البيئة في أمريكا الجنوبية. ومما لا شك فيه أن هذه المناقشات قدمت للتقرير أفكاراً وخبرات جديدة، وتحدت افتراضات مجتمع المخابرات الأمريكية، وساعدت على تحديد وفهم تحيزاته ونقاطه العمياء، كما يقول التقرير في مقدمته.

 

ويعمل التقرير على تقييم الدوافع والسيناريوهات الحاسمة للاتجاهات العالمية بأفق زمني تقريبي يبلغ خمسة عشر عاماً وذلك للمساهمة في رسم السياسة الاستراتيجية بعيدة المدى للبيت الأبيض ومجتمع الاستخبارات الأمريكي ومن أجل ذلك ركز التقرير على الاتجاهات والديناميكيات العالمية طويلة الأجل التي من المحتمل أن تشكل المجتمعات والدول والنظام الدولي لعقود من الزمن وتقديمها في سياق أوسع.

 

ولقد صدر أول تقرير في عام 1997، وصدر أحدث تقرير في مارس 2021 تحت عنوان “الاتجاهات العالمية 2040: عالم أكثر إثارة للجدل”، وهو الذي سنناقشه بالتفصيل في تلك الورقة التي تستهدف تلخيص أهم ما ورد فيه.

 

أجزاء التقرير

 

التقرير يتكون من ثلاثة أقسام عامة. في قسمه الأول، يستكشف القوى الهيكلية في أربعة مجالات أساسية: التركيبة السكانية، والبيئة، والاقتصاد، والتكنولوجيا كونها مجالات أساسية في تشكيل ديناميكيات المستقبل ونظراً لعالمية نطاق تأثيرها، وسهولة تقديم توقعات بشأنها وذلك بناءً على درجة معقولة من الثقة في البيانات والأدلة المتاحة. كما يبحث التقرير في قسمه الثاني في كيفية تفاعل هذه القوى الهيكلية وتقاطعها مع عوامل أخرى للتأثير في الديناميكيات الناشئة على أربعة مستويات من التحليل: الأفراد والمجتمع والدول والنظام الدولي. وبما أن التقرير يواجه في هذا القسم درجة عالية من عدم اليقين بسبب تنوع الخيارات التي سيتم اتخاذ البشرية القرارات بناء عليها في المستقبل، فلقد ركز على تحديد الديناميكيات الناشئة الرئيسية ووصفها في كل مستوى من تلك المستويات، بما في ذلك ما يدفع تلك الديناميكيات الجديدة للظهور وكيف يمكن أن تتطور بمرور الوقت. أخيراً، يحدد القسم الثالث من التقرير العديد من أوجه عدم اليقين تلك ويستخدمها بعد ذلك لاستشراف خمسة سيناريوهات مستقبلية للعالم في عام 2040. ويؤكد التقرير أنه لا يُقصد بهذه السيناريوهات أن تكون تنبؤات ولكن يهدف من خلالها إلى توسيع أفق الاحتمالات، واستكشاف ديناميكيات مختلفة لكيفية عمل القوى الهيكلية المشار إليها، والديناميكيات الناشئة، وأوجه عدم اليقين الرئيسية في عالم الغد.

 

المصادر:

[1]. 7th edition of the National Intelligence Council’s Global Trends report, 2021, https://web-archive-org.translate.goog/web/20210414042925/https://www.dni.gov/index.php/gt2040-introduction?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=fr&_x_tr_pto=se

 

المصدر

 

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments