مستقبل الأردن: بين لجم الاتجاه التاريخي أو تواصله | أ. د. وليد عبد الحي

مستقبل الأردن: بين لجم الاتجاه التاريخي أو تواصله | أ. د. وليد عبد الحي

2022-09-01 12:13 ص

مستقبل الأردن: بين لجم الاتجاه التاريخي أو تواصله | أ. د. وليد عبد الحي

 

للإطلال على آفاق المستقبل للظواهر السياسية بشكل خاص، لا بد من رصد الاتجاه التاريخي وتحديد هل هذا الاتجاه يأخذ مسارا خطيا (linear) أو غير خطي (non-linear)، وهل إيقاع التغير في الظاهرة سريع أو متسارع، ثم بناء التصور على أساس تجاذبات المتغيرات التي تشكل الظاهرة وتحركها.

 

إن مراجعة تاريخ فكرة إنشاء دولة عربية في آسيا العربية عرفت تجسيدا فعليا لها مع إعلان الشريف حسين عام 1916 “ملكا للعرب”، ثم إيفاد الملك فيصل إلى سوريا (1920) ثم للعراق (1921)، والملك عبدالله في الأردن (1921) ثم فلسطين (1949-1950).

 

لكن هذا المشروع لبناء مملكة عربية هاشمية في آسيا العربية تعثر وذوى تدريجيا بفعل عاملين: الأول نهش خارجي (مارسته بريطانيا وفرنسا وفي مرحلة لاحقة أمريكيا) والثاني تآكل داخلي بفعل عوامل ذاتية، وهذين العاملين (النهش الخارجي والتآكل الداخلي) سار على النحو التالي:

 

 :1916إعلان الشريف حسين ملكا للعرب.

 

1920: خسر المشروع الهاشمي سوريا بعد إخراج الملك فيصل منها بعد 4 شهور.

 

 :1924خسر المشروع الجزيرة العربية بعد إخراج الشريف حسين

 

 :1947خسر المشروع الجزء الأول من فلسطين

 

 :1958خسر المشروع الهاشمي العراق 

 

 :1967خسر المشروع الهاشمي بقية فلسطين

 

ذلك يعني أن معدل إيقاع الاتجاه التاريخي للمشروع الوحدوي الهاشمي ولمتغيرات التآكل (بفعل عوامل داخلية) ومتغيرات النهش (بفعل الأطماع الاستعمارية) هو عشر سنوات تقريبا ولو بانحراف معياري واضح، ومحصلة ذلك كله هو أنه لم يبق من المشروع الطموح سوى الخندق الأخير وهوالأردن“…وهنا ينبثق السؤال المركزي الذي يحتاج لتفكير عميق وبعيدا عن التأويلات غير النزيهة: هل مصير الخندق الأخير محكوم بذات المتغيرات التاريخية (أي النهش الخارجي والتآكل الداخلي) التي حددت مصير الخنادق السابقة؟ وهل تندرج صفقة القرن أو مشروع الوطن البديل أو الخنق الاقتصادي (المقصود وغير المقصود) وغبار دوامات الربيع العربي وظلال “الفوضى الخلاقة” تقع كلها في سياق متابعة الاتجاه التاريخي للمسار

 

إن مواجهة ذلك لن يتم إلا باستراتيجية فلسطينية أردنية مشتركة لمواجهة سيول الاتجاه التاريخي المشار له أعلاه، وهذا يشترط:

 

-1 ترك كل الحساسيات والهواجس الكامنة بين الطرفين الفلسطيني والأردني في الوقت الحالي على أقل تقدير، لأن الخسارة في تقديري ستكون ثقيلة للغاية، وسيقع العبء على الكتف الأردني بتحميله أوزار التسويات الدولية القسرية والتي لا قِبَلَ له بها، وعلى الكتف الفلسطيني بخسارة وطنه على حد سواء.

 

-2 إن ” اغلب ” محطات النهش في المشروع الهاشمي كانت بفعل أظافر وأنياب حلفاء الأردن التقليديين، وهو ما يستدعي الاستعداد –بهدوء وروية وعلى مدى زمني معقول– لنسج خيوط علاقات ومصالح سياسية واقتصادية وثقافية متبادلة ومتوازنة مع قوى دولية وإقليمية صاعدة وليس من مصلحتها استمرار اتجاه النهش والتآكل التاريخي

 

بهذين التوجهين يمكن لجم الاتجاه التاريخي بل وخنقه للأبد…وإلا ستجني “براقش” على نفسها مرة أخرى…ربما.

 

أ. د. وليد عبد الحي*

* أ. د. وليد عبد الحي أستاذ في قسم العلوم السياسية وباحث في المستقبليات والاستشراف.

 

27-8-2022

 

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments