هوس التنبؤات بالكورونا | أ. د. وليد عبد الحي

هوس التنبؤات بالكورونا | أ. د. وليد عبد الحي

2020-07-23 4:02 م

هوس التنبؤات بالكورونا

منذ الفترة القصيرة على بدء “حرب الكورنا، توالت الكتابة عن تنبؤات قديمة نبهت لهذا الفيروس، وبدأت الكتابات المتعجلة والمتبنية لنظرية المؤامرة تشير بداية لكتاب (Dean Koontz) وعنوانه “The Eyes of Darkness” الصادر عام 1981 وعام 1989، وبمقارنة الطبعتين وجدت تباينات في اسم المدينة التي يتوقع الكاتب ان يبدأ الانتشار فيها والارقام جرى عليها تعديلات ولا تتطابق مع ما ذكره الكاتب لا في موعد انفجار الازمة (فقد تم الخلط بينه وبين كتاب آخر في هذه النقطة) ولا في مواصفات الفيروس ولا في جغرافية انتشاره، ثم جرى الاتتقال للترويج لكتاب

Sylvia Browne وLindsay Harrison وعنوانه End Of Days: Predictions and prophecies about the end of the world،

الصادر عام 2008، وهو الكتاب الذي اشار لعام 2020.

 

ثم تمت الاشارة لملاحظات ذكرها بيل غيتس (Bill Gates) عام 2015 والذي عاد ليقول خلال مؤتمر علمي عام 2018 “ان وباء حادا سينتشر خلال العقد القادم” أي حتى عام 2028 وتوقع ان يقتل الوباء الجديد 30 مليون نسمة خلال ستة شهور.

 

وفي عام 2005 جاء في دراسة في مجلة الفورين أفيرز كتبها (Michael Osterholm) ان الوقت يجري ولا بد من الاستعداد للوباء القادم والذي سيشكل نقطة تحول في تاريخنا، وعاد في عام 2017 ليقول في كتابه :

“Deadliest Enemy: Our War Against Killer Germs”،

“ان الولايات المتحدة ليست مستعدة بالقدر الكافي للتعامل مع الوباء القادم”.

 

أما عالم الفيروسات (Robert G. Webste) فقال في كتابه Flu Hunter: Unlocking the secrets of a virus الصادر في عام 2018 ان مسألة انفجار وباء قاتل ليست الا “مسألة وقت” وقدر ضحايا الوباء بالملايين وحدد بأن الرقم سيفوق رقم الانفلونزا الاسبانية عام 1918.

 

وترافق مع هذا السيل من الكتابات ذات الطابع التنبؤي فيض من التقارير الإستخبارية ومن هيئات صحية في الولايات المتحدة وغيرها ناهيك عن افلام الخيال العلمي السينمائية..

 

ولهذه التنبؤات نماذج كثيرة في التاريخ من بينها تنبؤ الفرنسي (Michael Nostradamus) في عام 1555 والذي تنبأ بوباء يفوق الطاعون وحدد موقع الانتشار في ايطاليا، وهناك تنبؤات المنجم جون ديكسون (Jeane Dixon) الذي تنبا بنهاية العالم عام 2020، أو تنبؤات المنجم الهندي (Ashish Mehta) الذي يرى ان الأزمة الحالية ستعرف بداية انحسارها في ابريل القادم.

 

ويمكنني الجزم بأن كل هذه التنبؤات هي ذات طابع حدسي، فهي لا تعتمد نماذج او تقنيات علمية محددة، ناهيك عن أن القراء يتشبثون بأية تلميحات ويبنون عليها “أساطير” ومبالغات يغلب عليها طابع التشويق والاثارة. ويمكن سرد عشرات التنبؤات التي بلغ فيها الخطأ مستويات قياسية ومتكررة، لكن الناس يميلون “للمدهش”.

 

بعيدا عما سبق، هناك دراسات اعتمدت تقنيات الدراسات المستقبلية سابقا وفي هذه الازمة، وهناك دراسات –ولو متسرعة بعض الشيء بحكم ضغط الحالة- تحاول ان ترصد آفاق الأزمة الحالية ولعل ابرزها تطبيق نموذج “SIR” الرياضي لانتشار الاوبئة والذي يتعامل مع جمهور المرضى طبقا لثلاثة مجموعات (susceptibles :S) –(infectives :I)-(Removed :R) وعبر فترة قصيرة (منذ نشوب الازمة)، ويتبين ان –طبقا لبعض الدراسات- الوباء سيبدأ بالانحسار ولكن انحساره سيكون بايقاع أبطأ من بداياته، مع ملاحظة ان اول اشارة لوجود الفيروس كان في اليابان في نهاية 2019 لكن الاعلان الرسمي تأخر حتى 15 يناير. وتتوقع دراسة يابانية ان يبدأ الانحسار في بدايات شهر يوليو/اغسطس.

المتغيرات التي يجري التركيز عليها (طبقا لدراسة اخرى لمنتدى الاقتصاد العالمي) هي: التباعد الاجتماعي لكل السكان- عزل الاصابات- الحجر المنزلي- اغلاق المؤسسات التعليمية، ويتم التركيز على فكرة محددة وهي الفترة التي تحتاجها الدول لانتاج عقار، وهو ما قد يستغرق “18 شهرا” وإن أي تراخٍ في المتغيرات قد بعيد التصاعد في حالات الاصابة مرة أخرى. اما السيطرة على تزايد الوفيات فسيبدأ في الفترة بين منتصف يوليو واول اغسطس.

اذا افترضنا ان كل مصاب سينقل المرض الى 2.4 افراد، فذلك يعني -مثلا- موت حوالي 510 آلاف بريطاني و2.2 مليون امريكي.

 

ما الذي نخلص له من هذه الدراسات:

 

1- ان على الحكومة ان تكون حازمة الى ابعد الحدود في تطبيق المتغيرات التي اشارت لها الدراسة (التباعد الاجتماعي – العزل – الحجر المنزلي – اغلاق المؤسسات ذات الطابع الجماعي كالمدارس والجامعات وملاعب الرياضة والمساجد والكنائس…الخ).

 

2- ضرورة دراسة النماذج الناجحة في السيطرة على هذه الكارثة وتكييف السياسات المتبعة في الدول الناجحة في الدولة المعنية.

 

3- الاقتصاد في الاستهلاك في كافة المجالات حتى لا يصاب الاقتصاد بانهيار إذا كان السيناريو الاسوا هو الأكثر احتمالا في المدى المنظور.

 

4- التفكير الآن في كيفية تسيير المؤسسات العامة والخاصة في حالة السيناريو الاسوا..

 

5- العمل على اساس ان الحل لن يكون متوفرا في المدى القصير، مع ضرورة التنبه ان حالة واحدة غير مكتشفة من البداية قد تعيد المشهد الى بداياته.

 

المصدر

0 0 vote
Article Rating

اترك تعليقاً

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments